TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بغداد أحمد الخطيب

العمود الثامن: بغداد أحمد الخطيب

نشر في: 8 مارس, 2022: 11:32 م

 علي حسين

أتابع بشغف العمود اليومي للكاتب البحريني حسن مدن في صحيفة الخليج كونه يلامس الكثير من قضايانا الجوهرية في مجال السياسة والثقافة والحدث اليومي، بالأمس تحدث عن أحمد الخطيب أحد حكماء العرب، والذي توفي قبل أيام، ويرتبط اسم أحمد الخطيب في ذاكرتي بمجلة الطليعة التي كانت تمثل رأي النخبة الكويتية.

نقرأ في مقال الأستاذ حسن مدن أن الراحل أحمد الخطيب أراد السفر إلى بيروت ليلتحق بالجامعة الأمريكية فيها، وكان عليه أن يقطع طريقاً يمر في البصرة ثم بغداد. وما أن حط الفتى البالغ من العمر ستة عشر عاماً في بصرة السياب حتى أدهشه سحرها وفتنة التجول على شاطئ شط العرب، وسيقطع: "المسافة من البصرة إلى بغداد بالقطار تعاظم انبهاره بما يرى فقد كانت بغداد، يومها، في غاية التقدم، وهناك ولج السينما أول مرة". هذه هي بغداد على مدى العصور امتلأت ليالها فرحاً، ولم يكن يدور في خلد أحد أن تتحول إلى مدينة أشباح.

في هذه المدينة التي كانت تحتل شوارعها المضاءة أسماء ملوك وشعراء، والتي كانت تتطلع إلى المستقبل بعيون مفتوحة علقت الشواهد على شوارعها الرئيسة، المتنبي، أبو نواس، ابن سينا. تلك، كانت بغداد في الأربعينيات. والقادمون يأتون من قريب ومن بعيد، يغنون، ويعشقون، ويحلمون بيوم يصبحون فيه أبطالاً، قادرين على العيش برفاهية. سيحلم الجميع بعراق هادئ، أنيق، طافح بالأمل.

ذات يوم كانت بغداد تزهو بأعمال محمد مكية ورفعت الجادرجي ومعهما جواد سليم وفائق حسن وكاظم حيدر وحمد غني حكمت وخالد الراحال واسماعيل فتاح الترك ، ومعهم العشرات يملؤون مسارح بغداد ، بحضورهم وصخبهم، لم يبق اسم "لامع" إلا وأراد أن يضمّ إلى سيرته، منجزاً يقدمه إلى بغداد، وتحولت هذه المدينة التي قال عنها مصطفى جمال الدين " ووريق عمرك أخضرُ " ، إلى منارة، تتلاقى فيها الحضارات وتتنافس عليها الأحلام والآمال.. ذلك عصر كان منظروه يريدون لهذه البلاد أن تكون بلاد متعايشة، متسامحة، تعبق بألوان المعرفة والمحبة ، ولم يكن يدور بخلد الفتى الكويتي احمد الخطيب وهو يتجول مسحورا بين ازقة بغداد أن تتحول هذه المعالم إلى خرائب، يريد القائمون عليها أن يجعلوا منها داراً للآخرة بعد أن كانت حاضرة للدنيا.

ومثل بغداد كانت البصرة التي سحرت أحمد الخطيب قبل أكثر من سبعة عقود نجدها اليوم وقد استبدلت ثوب الحياة برداء الظلام والعتمة ، وقد استولى عليها البعض ممن يفرضون كثيراً من الكآبة على الحياة معززين ثقافة الظلام، يبددون الأمل ويحاصرون التفاؤل، يأمرون الناس بالكف عن ممارسة الفرح الذي لم يعد مهنة العراقيين بعد أن سادت مهن جديدة مثل العصابات وأمراء الحرب الطائفية والسراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram