عمـار سـاطع
لا يمكن اعتبار ذلك من بين السبل الكفيلة بالارتقاء في واقع المستوى الفني لدوري كرة القدم الممتاز!
مثلما لا يمكننا القول أبداً ان الاحتراف الفعلي يبدأ بجلب لاعبين من خارج البلاد بمستويات دون الوسط ان صحّ التعبير او مقبولة على أبعد المديات!
لاعب أو أثنان وربما ثلاثة واربعة على اكثر التقديرات، هم فقط من يقنعون المتابع بما يملكه من إمكانيات فنية، فواقع الحال يشير الى ان 90 الى 95 بالمائة من اللاعبين الذين يتوزعون في اندية الدوري الممتاز، بإستثناء فريق النفط البغدادي طبعاً، لا يملكون القدرات الفعلية لصناعة الفارق وأحداث الفاصلة الفعلية بينهم وبين لاعبينا من ابناء الوطن حتى وإن حدث ذلك، فنجدهُ في تلك الحالة طفرة نوعية في طبيعة اللاعب او بيئته التي جاء منها!
نعم.. الاحتراف في فرق انديتنا، هو أشبه بالفوضى الحاصلة، فلا رقيب او حسيب يمكنه ان يُقيم دور المحترفين وما أحدثوه من ارتقاء باللعبة التي وصلت منذ نحو عقد ونيف من الزمن الى ما وصلت اليه من تراجع واضح وتدهور منقطع النظير، بسبب سوء التخطيط الذي ضرب معاقل أنديتنا التي لم تجد ظالتها لا في بناء القاعدة ولا حتى في المنفذ الفعلي في التعاقد مع لاعبين يمكنهم ان يفعلوا التفوق الفني!
تخيلوا ان العديد من الفرق المحلية، تتعاقد مع لاعبين محترفين وتُفضل تواجدهم على دكة البدلاء او ربما تضعهم ضمن ركب العاطلين، بدلا من الاستفادة منهم، وحتى وإن حصل فأن تسعة لاعبين فقط من بين هذا الكم الكبير من اللاعبين المحترفين يمكن القول بأنهم تمكنوا من كسب الأنظار وجلب الاضواء تجاههم، لمستوياتهم التي قدموها وربما اصبح الحديث عنهم موضوعاً غاية في الاهمية، اما البقية فإنهم وللاسف الشديد لم يكن لهم اي دور من جهة وربما كان حضورهم بالاسم فقط!
وحينما نتحدث عن ظاهرة تقليدية تُعنى بالاحتراف الوهمي او ربما البطالة المفروضة، فأن الواجب المهني يُحتم علينا ذكر الحقائق كاملة، وأهم تلك الحقائق ان لاعبينا المحليين، لا يقلون شأناً من الحاضرين من دوريات الدول الاخرى، لا مكانة ولا امكانية او اداء ولا حتى من حيث المستوى والفاعلية، بدليل ان اداء لاعبينا تجاوز بـ(الفطرة) مستويات لاعبين نالوا مستحقات أكثر من حقهم، وحصلوا على السلة والعنب سوية، بينما اهدرت الفرصة على لاعبينا الذين بقوا يعانون الأمرين وهم يراوحون مكانهم بعد ان اصبح التنافس فاقداً للعدالة الفنية!
أقول.. من كَسِبَ رِهانَ الاحتراف، هم أولئك الوسطاء والسماسرة ووكلاء اللاعبين الذين فضلوا مصلحتهم على مصلحة الارتقاء باللعبة، وراحوا يبيعون ويشترون اللاعبين حصلوا على مبتغاهم جرّاء سذاجة إدارات بعض الاندية من جهة وعدم التعامل بالشكل الواضح مع امكانيات اللاعبين وفقاً لاشرطة الفيديو التي تكاد ان تكون العمود الفقري في قضية اقناع تلك الادارات بنوعية اللاعبين وندرة وجودهم إن صحّ الوصف، بمقابل محاولة الادارة خطف هذا اللاعب او ذلك على اساس ان النادي سيدخل بوابة الاحتراف وينطلق باتجاه عالم ثانٍ ملؤه العالمية!
أعتقد أنه آن الأوان لوضع ضوابط محدّدة ولوائح شاملة وبنود ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكيفية الحصول على رخصة موافقة جلب اللاعبين المحترفين وتحديد أولويات من شأنها ان تضبط إيقاع العمل بدوري المحترفين كتابة الشروط الموجبة لِفعل التعاقد بين النادي واللاعب المحترف وتحديد أوجه العمل ببنود الاحتراف، مع التأكيد على أهمية أن يكون اللاعب المحترف مع أنديتنا يلعب في صفوف منتخب بلده وان يكون العُمر واحداً من محدّدات الموافقة على التعاقد معه، بمقابل توفير النادي للاعب كافة الامكانيات والتعامل معه بإحترافية، بدلاً من تلك الاساليب التي استخدمتها بعض ادارات الاندية مع محترفيها وعاملتهم بطريقة غير مقبولة، مع التأكيد ان يكون لكلا الجانبين حقوق وواجبات!
فاصل إيجاد السبل الكفيلة بتحليل الدوري الكروي هو نبذ الاخطاء والقضاء على الركود هما كفيلان لتحقيق ما يحتاج اليه الدوري، وسيكون له وقعهُ على آلية المنافسات، إذ يحتاج ذلك الى التفريق بين الارتقاء من عدمهِ والاحتراف الذي ننشده والاحتراق الذي نعيشه بطبيعة الحال، فالدوري لا يمكن أن يتطوّر ويصبح في قمّته، بأعداد محترفيه، بل بنوعيّتهم، مثلما لا يمكن التصدّي الى التدنّي الحاصل في مستوى الفرق بوجود كثرة (اشباح المحترفين) بالتصاعد التدريجي الذي ننشده ويفترض أن يعيد هيبة المسابقة المحليّة الى الحال الذي كانت عليه قبل عقود من الزمن!