سامر الياس سعيد
حدثان مُرتبطان أحّدهما بالآخر شهدتهما أيام الأسبوع الماضي لتنعكس من خلالهما مئات الأسئلة حول تاثير المال في الرياضة، ومقدرة هذا العامل الرئيسي من دعم الأنشطة الرياضية وإبراز دورها المهم من خلال تدعيم فصولها بالمادة خصوصاً وإن الحدثين العالميين أثبتا أن هنالك هواجس نجمت عن دور المال في أغلب الفعّاليات الرياضية.
الحدث الأوّل هو تأثر فريق نادي تشيلسي الإنكليزي بغياب مالكه الروسي رومان إبراموفيتش بسبب خضوع الأخير للعقوبات الدولية التي نجمت عن تجميد الأموال المالية التي يملكها رجال أعمال مقرّبين من السلطة الروسية حيث اِضطرَّ الأخير للتخلّي عن ملكيّته الخاصّة بالفريق الإنكليزي حينما اشتراه منذ عام 2003 ليحقّق معه الكثير من البطولات، فيما كان تاريخ النادي المذكور قبل تملّك إبراموفيتش له قائماً على الفوز ببطولة الدوري لمرّة واحدة، وتوالت انجازات الفريق بعد ذلك العام حينما فاز خمس مرّات ببطولة الدوري الى جانب الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا مرّتين كان آخرهما العام الماضي، إضافة للفوز بكأس العالم للأندية والتي كانت البطولة الأخيرة التي حظي بلقبها الفريق بعهدة إبراموفيتش الى جانب الفوز خمس مرّات بكأس الاتحاد الإنكليزي وثلاث مرّات ببطولة كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة.
ودارت الأسئلة ماذا لو بقي إبراموفيتش لفترة أطول من تلك الأعوام التسعة عشر الفاصلة المُمتدّة ما بين العام الحالي وعام تملك إبراموفيتش للفريق الإنكليزي وما مقدرة الأخير بالقبض على بطولات وكؤوس أخرى حتى دفع هذا الأمر بصحيفة الغارديان البريطانية الواسعة الانتشار وفي ملحقها الرياضي بأن تضع مانشيتاً عريضاً حول تلك الاشكالية بالتساؤل حول امكانية بقاء فريق نادي تشيلسي كأحد الأندية العملاقة بعد رحيل إبراموفيتش وهو ذاته حكاية مهمّة لفصول الانجاز القياسي الذي حظي به الفريق الإنكليزي الذي كان اسماً مغموراً بدون أي قاعدة جماهيرية عريضة قبل أن يتملّكه الثري الروسي ليحوّله الى أحد أقطاب الكرة الإنكليزية ويدفع بالأرقام القياسية في أن تكون صفقات مالية تستقطب النجوم مثلما سعى ذلك الملياردير الروسي لأن يدفع ما مجموعه 300 مليون دولار في غضون أول موسمين حيث أفتتح بهما تاريخ النادي باستقطابه للنجوم المميّزين ممّن دافعوا عن فانيلة الفريق، وارتقوا به الى مصاف ترتيب الفرق سواء في الدوري الإنكليزي أو غيرها من البطولات الأخرى.
هذه الأسئلة المتعلّقة بسطوة المال حضرت أيضاً وبشدّة في مباراة الريمونتادا التي كان بطلها فريق ريال مدريد الإسباني حينما نجح بالتغلب خلال الأسبوع الماضي على منافسه فريق باريس سان جيرمان الفرنسي المرتكز على صفقات قياسية للاعبيه بدءاً من ليونيل ميسي أو نيمار أو القيمة المالية التي يرتكز عليها اللاعب الفرنسي كيليان مبابي، فكانت نتيجة مباراة الإياب التي جرت في ملعب سانتياغو برنابيو معقل الفريق الملكي مُذهلة ومُدهشة خصوصاً مع تأخّر الفريق الإسباني بهدفين جاء أحّدهما في مباراة الذهاب، وفي الدقائق الأخيرة من تلك المباراة ليأتي الهدف الآخر في شوط المباراة الأول من مباراة العودة، وكلاهما كان بتوقيع الفرنسي مبابي والتي شهد شوطها الثاني عودة رائعة للفريق الإسباني لتعاد ذات الأسئلة حول مدى قدرة المال في إبراز الجهد الرياضي المطلوب وتأمينه في الإرتقاء بالمراكز الأولى؟
حكاية تشيلسي تدعو لابرازها حينما نجح الفريق اللندني باكتساح المنافسين في مباريات الموسم الماضي من دوري أبطال أوروبا لاسيما الفريق الإسباني ريال مدريد وكانت حكايته جديرة بالمتابعة، لكنه اليوم وفي غياب داعمه المالي يبدو أنه في طريقه للتقهقر والعودة الى ذات المراكز التي كان يستقر بها قبل تملّكه من قبل مالكه الروسي المعروف، وفي المقابل فإن حكاية طموح الفريق الباريسي وعجزه عن الوصول لنهائي بطولة دوري أبطال أوروبا أو مسألة تأخّره المثير في مباراة العودة تشكّل أيضاً أسئلة أخرى في تقدير الجهد المبذول وموازاته مع الدعم اللامحدود الذي يتيحه مالك الفريق الباريسي القطري ناصر الخليفي وقدرة الأخير على الوصول الى حلم القبض على الكأس الكبيرة ذي الأذنين بعيداً عن الاخفاقات التي مُني بها فريق العاصمة الفرنسية أو الاعتماد على تشكيلة من اللاعبين المميّزين في ظلّ الاستغناء عن لاعبين معروفين ظهروا في مباراة العودة بمستوى هزيل لا يتناسب مع قيمة المباراة التي نجح فيها الإسبان بالانتصار المهم.