 ميسان/ مهدي الساعدي

تعاني اسواق محافظة ميسان من ارتفاع اسعار الاسماك بسبب شحته وعدم توافره بكثـرة وسجلت الحالة علامة فارقة في تاريخ المدينة وعمقها المعروف كونها واحدة من أكثـر المحافظات العراقية تصديرا للسمك لغيرها من المحافظات والمدن الاخرى الى الحد الذي ضرب المثل عند البيع وتداول الجملة المعروفة لدى الجميع (سمك عمارة).

الاسباب الرئيسية التي خلفت ظاهرة ارتفاع اسعار الاسماك وشحتها حددها المعنيون في صيد وتجارة الاسماك وكان على رأسها انحسار المساحات المائية الشاسعة (الاهوار) التي كانت تمثل الخزين السمكي الكبير في المحافظة.

"جفاف الاهوار كان اول الاسباب واكثرها تأثيرا على فقدان المحافظة مكانتها كونها من أكبر المحافظات التي كانت تشتهر بتصدير الاسماك حيث فقدت المحافظة اغلب تلك الاهوار لتتبقى منها مساحات صغيرة لا تحتوي على الاسماك التي كانت يزخر بها سلفها حتى منتصف العقد التسعيني". بحسب ما ذكر المهتم والناشط في قضية الاهوار سلام صاحب لـ(المدى).

وبفقدان المصدر الاكبر اتجه ابناء المحافظة الى انشاء احواض تربية الاسماك لتفقد المحافظة انواعاً مختلفة من الاسماك التي تعتبر الاهوار موطنا رئيسيا لتكاثرها مثل الكطان والبني ليكون السمك الكاريبي او ما يسمى محليا (السمتي) سيدة اسماك الاحواض لتكاثرها السريع وتلاؤمها وبيئة تلك الاحواض.

انهار المحافظة المتشعبة من نهر دجلة لم توفر السمك بصورة يمكن الاعتماد عليها لرفد اسواق المحافظة لأسباب ذكرها الصياد حسن شاكر لـ(المدى) "لم يترك الصيد الجائر مكانا الا وعبث فيه رغم تعالي الاصوات بمنعه بالإضافة الى كثرة الصيادين وانخفاض منسوب المياه في تلك الانهار وعدم اعطاء فرصة للأسماك بالتكاثر والنمو ليقتصر الصيد على الانواع الصغيرة مثل (الزوري) او بعض الانواع الاخرى". الشحة المائية التي شهدتها البلاد منذ الاعوام الاخيرة ومنها العام الماضي جعلت وزارة الموارد المائية تتخذ عدة اجراءات لمنع تضييق مقاطع الانهار منها ردم البحيرات والاحواض التي وصفتها بـ(المتجاوزة) وايقاف منح اجازات ورخص انشاء لاخرى.

وبين المتحدث باسم وزارة الموارد المائية في تصريح اعلامي تابعته (المدى) اواخر شهر تشرين الأول/اكتوبر من العام الماضي "وزارتنا عملت منذ مدة على إيقاف إجازات البحيرات او الأحواض العائمة بسبب الشح المائي الذي تعاني منه البلاد وعدم الالتزام بالضوابط والمحددات التي تفرضها وزارات الموارد المائية أو البيئة والزراعة".

وبين المتحدث "أهمية تنظيم هذا القطاع وفق ضوابط ومحددات للحفاظ على الثروة الغذائية كما ان هناك ظرف الشح المائي وليس من المعقول أن نسمح بالتجاوز بإنشاء البحيرات وهدر المياه".

تناقص عدد الاحواض والبحيرات وانخفاض مستوى رفد انهار المحافظة بالاسماك ادى بدوره الى انخفاض كمية الاسماك في الاسواق المحلية والتوجه الى الاستيراد من محافظات اخرى او التهريب بعد قرار "منع استيراد الاسماك من الدول المجاورة ومنها ايران بسبب الاكتفاء الذاتي من الاسماك محليا". بحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة اواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2020.

يقول أبو سمير صاحب احد مكاتب البيع في علوة ميسان لبيع الاسماك لـ(المدى) "يصلنا السمك بأسعار مرتفعة وليست بأيدينا حيلة سوى التعامل مع ارتفاع الاسعار بسبب اجور النقل وفرض السعر الذي يرتضيه تجار الاسماك والموردين".

المتابعون الاقتصاديون في المحافظة كان لهم رأي مشابه ولكن حسب النظرة الاقتصادية للسوق يشير محمد سعدون المهتم بالشأن الاقتصادي "يخضع السمك لقاعدة العرض والطلب كغيره من المواد الغذائية وفي المحافظة عموما يكثر الطلب على شراء الاسماك والذي يتناسب طرديا مع توفره وبالتالي يؤدي الى ارتفاع اسعاره". بائعو السمك الجوالة كانت لهم معاناتهم في ظل ارتفاع اسعار الاسماك (ام فرج) بائعة اسماك في سوق العمارة تقول لـ(المدى) "ارتفع سعر السمك ضعفا عن العام الماضي ما ادى الى قلة الإقبال على شرائه او التقيد بالشراء مما جعلنا نشتري كميات صغيرة من اجل بيعها والانتفاع بأرباحها التي لم تعد كما كانت عليه".

ويفضل العديد من ابناء المحافظة شراء السمك الحي من العربات الاحواض المنتشرة في الشوارع كونهم يطمئنون اليه اولا ويبتعدون عن الميت الذي قد اتلف بسبب الخزن والنقل وعلى العادة التي درج عليها ابناء المحافظة من شراء السمك طازجا او (تازة) كما يسميه ابناء المحافظة رغم تجاوز الكيلو غرام الواحد من سمك (السمتي) الـ7000 دينار.