 ميسان / مهدي الساعدي

تقود سجى سيارتها صباح كل يوم للوصول الى مقر عملها في احد اقضية محافظة ميسان حيث تعمل معلمة في احدى المدارس الابتدائية وتطوي خلال رحلتها اليومية عشرات الكيلومترات.

لم تكن سجى صاحبة الـ37 عاما المرأة الوحيدة التي تقود سيارة في مجتمع ينظر الى المرأة نظرة استضعاف ويوكل انجاز اعمالها الى الرجال دون الاعتماد عليها فهناك الكثير من النساء اللواتي يجلسن خلف المقود ويقدن السيارات في شوارع المحافظة.

لعل المنظر لم يكن مألوفا قبل عدة سنوات في مجتمع جنوبي محافظ تسوده الاعراف العشائرية ولكن واقع حال المدينة في اعوامها الاخيرة تغير كثيرا ليكون منظر المرأة وهي تقود السيارة منظرا طبيعيا جدا.

تقول سجى لـ(المدى) "اقود سيارتي ذهابا وايابا دون ملاحظة اية حالة استغراب او استهجان في عيون المارة من ابناء المدينة حيث ان الحالة اصبحت مألوفة جدا والعديد من العوائل يقومون بتعليم بناتهم قيادة السيارات تحسبا لأي امر طارئ".

عوامل عديدة وجهات متنوعة اسهمت وبشكل فاعل جدا في ادخال المرأة الى عالم السيارات واشراكها معترك قيادة المركبات ومنها المؤسسات الحكومية في المحافظة لتجد تفاعلا واسعا من قبل النساء بل وحتى العوائل الراغبة كثيرا في تعليم بناتهم قيادة السيارات وولوجهن شوارع المحافظة.

تقول الناشطة ابتهال ابراهيم لـ(المدى) "ظاهرة قيادة النساء للسيارات ان دلت على شيء فهي تدل على تحضر سكان المحافظة لان المرأة نفس كفاءة الرجل واقرت الاديان السماوية هذا المبدأ ومنها الدين الاسلامي الذي اطلق مبدأ المساواة كونها انسان ولا تختلف عن الرجل بشيء فلماذا لا تقود السيارة وهي العاملة في جميع ميادين الحياة وهذا خير دليل على تحضر المجتمع الميساني وتوعيته الفكرية".

المؤسسات الحكومية كان لها نصيب في اعداد وتدريب النساء على تعلم القيادة من خلال مبادرات طوعية ودورات مكثفة بإشراف مباشر من مديرية المرور في المحافظة ومنها مديرية شباب ورياضة المحافظة.

"قامت مديرية شباب ورياضة ميسان وبالتعاون مع مديرية مرور المحافظة بإجراء العديد من دورات تعليم السياقة للنساء وبلغ مجموع الدورات التي اقامتها المديرية سبع دورات وتتراوح اعداد النساء في كل دورة من 15 الى 20 امرأة تتعلم خلالها النساء كل ما يتعلق بقيادة السيارات"، يقول شريف غياض مدير شباب ورياضة ميسان لـ(المدى).

ويضيف غياض "وتنوعت الدورات بين نظرية لإطلاع المتدربات على قوانين المرور وعملية لتعليمهن كيفية القيادة وكل ما يتعلق بآلية القيادة بالاستعانة برجال المرور".

المنظمات المجتمعية والفرق التطوعية في المحافظة كانت صاحبة الحضور الاكثر في اطلاق مبادراتها الخاصة بتعليم النساء قيادة السيارات ووفرت بذلك كل مستلزمات انجاحها.

رئيس فريق تطوعيون للعمل المدني في ميسان فراس المحمداوي يقول في معرض حديثه لـ(المدى) "اقمنا الكثير من دورات تعليم سياقة السيارات الخاصة بالنساء في السنوات الثلاث الاخيرة اهلنا خلالها المئات لحصولهن على اجازات سوق وانظمت العديد من المنظمات المجتمعية والفرق التطوعية في تدريب النساء باستخدام السيارات الخاصة واشراف مديرية مرور المحافظة واسهامهم الفاعل في القاء المحاضرات وطرح التعليمات التي تخص الدراستين العملية والنظرية وانجاز معاملات رخصة القيادة بعد تجاوزهن الاختبار المروري بنجاح".

واضاف المحمداوي "قدم فريق تطوعيون العشرات من الدورات الخاصة بتعليم النساء قيادة السيارات وبدون مقابل كما تم استقطاب النساء من اقضية ونواحي المحافظة وقام بتوفير جميع مستلزمات انجاح الدورات جميعها ايمانا منا بمبدأ العمل التطوعي".

ولعل الامر لم يكن مقتصرا على المؤسسات والمنظمات والفرق التطوعية بل تعداها الى المراكز التجارية التي اقامت دورات تعليم السياقة المجانية للنساء بالمشاركة مع مكاتب خاصة لتعليم السياقة للدعاية والترويج ولتنمية وتطوير قابليات النساء في المحافظة من اجل فتح آفاق واسعة امام المرأة الميسانية.

رجال مرور المحافظة اشادوا بدورهم بكل الجهود التي بذلت لتعليم النساء خلال الدورات التي اقيمت كونهن مثال جيد للسائقين حيث لم يتم تسجيل اية مخالفة ضد اية امرأة في المحافظة لالتزامهن بقوانين المرور.

تقول سجى "الجهود التي بذلها العديد من ابناء المحافظة من اجل تعليم النساء قيادة السيارات ذللت كل الصعاب والمعوقات التي كنا نواجهها فلم يتبق اي مانع من شراء سيارة وقيادتها بشكل مباشر".