شاكر لعيبي
عندما تتطلع إلى البرج الأحمر Kızıl Kule في أنطاليا التركية، تستدعي بشكل ما باب الطلسم العباسي.
ظاهريا، ثمة تشابه، رغم أن العين تعرف غريزيا أن البرج التركي أعلى وأضخم حجماً، يبلغ ارتفاعه 33 مترا (108 قدما) وعرضه 12.5 مترا (41 قدما). كلاهما ينتميان إلى العمارة السلجوقية.
بدأ تشييد البرج الأحمر في أوائل عهد السلطان السلجوقي الأناضولي علاء الدين كيقباذ الأول واكتمل في عام 1226م. أحضر السلطان المهندس المعماري السوري أبو علي رحا الكتاني Ebu Ali Reha el Kettani من حلب إلى مدينة ألانيا أو علانية التركية لإكمال البناء. يحمي برج القرميد الأحمر المثمن الأضلاع ترسانة (حوض بناء السفن) الذي يعود تاريخ البدء به إلى عام 1221. وهذه هي بالضبط السنة التي جدّد ورمّم فيها الخليفة العباسي الناصر لدين الله (575 -622 هـ) أقساما من سور بغداد في اواخر القرن السادس للهجرة ثم قام بتجديد باب الطلسم أو الحلبة في سنة 618 هـ (1221م) أي قبل خمس سنوات تقريبا من اكتمال البرج الأحمر. قبل هذا الوقت صار الخليفة الناصر الدين الله يلاحق السلاجقة في بغداد ويقضي على آثارهم، وقد أمر سنة 583هـ/1187م بهدم دار السلطنة الى الارض وعفى أثرها، وقد اتخذها السلاطين السلاجقة مقرا لهم، وقد هدمها الخليفة الناصر لدين الله أثر تحدي السلطان طغرل الثالث له ومطالبته إياه بالخطبة للسلاجقة في بغداد. توفي الناصر لدين الله في بغداد، سنة 622هـ/1225م، بعد سنة واحدة من اكتمال البرج الأحمر، وبعد حكم دام نحو سبع وأربعين عاماً.
نلاحظ أن باب الطلسم بني على شكل برج أيضاً أو قلعة، بواجهة ذات باب وشكل مستدير بحيث لا يتمكن الغزاة من دخولها. وتصميم بنائه شبيه ببناء الباب الوسطاني، فهو عباره عن برج دائري الشكل يتصل من جهه الشرق والغرب بجسرين، يؤديان إلى داخل المدينه وخارجها، ويحيط بهذا البرج سور نصف دائري من جهه الشرق،وقد خص الجسران بمزاغل دفاعية.
هل محض صدفة هذا التشابه في الشكل، هذه التواريخ المتقاربة؟ هل يكون المعماري الحلبي أبو علي رحا الكتاني مصمّماً للعملين؟
ملاحظة:
مدينة ألانيا أو علانية أو علايا يرد ذكرها في رحلة ابن بطوطة: « وفي العاشر وصلنا إلى مدينة العلايا، وهي أول بلاد الروم [....] ومدينة العلايا التي ذكرناها كبيرة على ساحل البحر يسكنها التّركمان، وينزلها تجار مصر واسكندريّة والشام، وهي كثيرة الخشب ومنها يحمل إلى اسكندرية ودمياط ويحمل منها إلى سائر بلاد مصر ولها قلعة بأعلاها عجيبة منيعة بناها السلطان المعظم علاء الدين الروميّ، ولقيت بهذه المدينة قاضيها جلال الدين الأرزنجانيّ، وصعد معي إلى القلعة يوم الجمعة فصلّينا بها، وأضافني وأكرمني وأضافني أيضا بها شمس الدين بن الرجيحاني الذي توفّى أبوه علاء الدين بمالي من بلاد السودان.
وفي يوم السبت ركب معي القاضي جلال الدين وتوجّهنا إلى لقاء ملك العلايا، وهو يوسف بك، ومعنى بك: الملك، ابن قرمان بفتح القاف والراء، ومسكنه على عشر أميال من المدينة فوجدناه قاعدا على الساحل وحده فوق رابية هنالك والأمراء والوزراء أسفل منه والأجناد عن يمينه ويساره وهو مخضوب الشّعر بالسواد فسلّمت عليه، وسألني عن مقدمي فأخبرته عمّا سأل وانصرفت عنه، وبعث إليّ إحسانا».