محمد حمدي
غليان كبير يشهده الشارع الرياضي على خلفية قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم، ومساندة من الاتحاد الآسيوي بنقل مباراة العراق والإمارات ضمن الدور الحاسم المؤهّل إلى مونديال قطر 2022، الى ملعب محايد تم اختياره في المملكة العربية السعودية رغماً عنّا، وجاء في وقت أقل ما يقال عنه أنه بالغ القساوة والاستهانة بمشاعر الجماهير والرياضة العراقية بصورة عامّة ولم يكن له أي مسوّغ معقول!
وبقدر ما كان القرار جائراً من الاتحاد الدولي، إلا أنه أوصلنا الى نقطة مهمة جداً هو عدم إمكانية تمرير ما حصل مرور الكرام أسوة بعشرات التجارب المماثلة التي أبعدتنا عن ملاعبنا وجماهيرنا الرياضية لعقود طويلة وصار من المستحيل العودة الى نقطة الصفر والشروع بعمليات إقناع الاتحادين الدولي والآسيوي بأحقية مُدننا تضييف المباريات الدولية على أرضنا مجدّداً.
في كل مرّة يتم تسويق أعذار وحُجج جديدة جاهزة بالتأكيد، والحقيقة الراسخة أن الاتحاد الدولي لكرة القدم قد أستوعب اليوم أن الأعذار التي كان يحرّكه البعض بها قد استُهلكت تماماً ومنها الوضع الأمني في العراق الذي هو أفضل بكثير من بلدان عديدة، والبُنى التحتية التي تغيّرت بصورة تامة مع وجود أحّد عشر ملعباً بمواصفات عالمية ممتازة في بغداد والمُدن الأخرى، الأمر الآخر الذي لابد من الحديث عنه هو أن مباراة منتخبنا الوطني مع الإمارات يوم غد الخميس في ملعب الملك فهد في السعودية ينبغي أن تسبقها حالة من الصمت الشبيه بالصمت الإنتخابي من أجل عدم التأثير على الفريق نفسياً وتهيئة الجماهير بأن ما حصل مؤامرة ناجحة للاطاحة بالمنتخب، والعكس هو الصحيح، فكسب المباراة سيُسقط أي نظرية ويعود بنا لتأكيد قرار رفع الحظر في الاستحقاقات المقبلة التي لن يكون لها أي سبب بعد الذي قيل اليوم ونلنا فيه مساندة دولية واسعة مع حق العراق الطبيعي.
أما الحسابات الأخرى التي تتعلّق بضعف منظومة العلاقات العامة ووجود الاشخاص المؤثرين في الاتحاد فلها موعد آخر بالتأكيد سيحين آجلاً أم عاجلاً، وقد يجرّنا الموقف الى بطولة خليجي 25 أيضاً إذ لا يمكن أن نتحمّل ذات المقلب للمرّة الخامسة على التوالي، وسيركن الاتحاد العراقي لكرة القدم لنبض الشارع العراقي وصوت الإعلام الهائل الذي وقف له بالمرصاد وأحرجه بزاوية ضيّقة جداً أشكّ أن لديه فرصة أخرى للنفاذ منها، وأن نظرية الزوبعة في فنجان والتهويل الذي يصاحب كل إخفاق إداري سوف لن يكتب له النجاح هذه المرّة رغماً عن أنف أيّة جهة تقف بالضد من مطالب جمهورنا الرياضي الذي جُرح في صميم كرامته!
اتحاد كرة القدم الجهة الرسمية الأولى الممثلة لمنظومة كرة القدم العراقية لابدّ لها من التخلّي عن موقف الضعف والولوج الى تحمّل مسؤولياته في التعبير عن ردّة فعل قوية لن تكون الخسارة معها بأقل ممّا خسرناه ونخسره يومياً وندفع ثمنه من اعصابنا.
الحقيقة أن اتحاد كرة القدم يحاول أن يعكس حالة من الدبلوماسية بشقّ الأنفس الى الشارع على أن الأمور لا تتحمّل أية مقاطعة أو موقف مضاد لحسابات ربّما تصل الى السياسة وتدخل جهات حكومية رسمية لا تريد التورّط بأية مواقف غير محسوبة!
أنه الخطأ بعينه، ولنا أن نتصوّر لو أن أية دولة أخرى تعرّضت وأكتوت بالذي يحصل معنا ترى ما الذي سوف يحصل؟ هل سيعودون الى التهليل والتطبيل بعد شهر ويدّعون الانتصار إن عاد الاتحاد الدولي مجدّداً وسمح بإقامة المباريات الدولية على أرضنا؟ لن يكون لذلك أية قيمة على أرض الواقع، وإن لجمهورنا الرياضي الوفي موقف لابدّ أن يُحترم.