اياد الصالحي ساعات قليلة ويأذن ملعب ( فري ستيت) في جوهانسبرغ عن اندلاع الحرب الكروية بكل ما تعنيه هذه التسمية من إثارة وخسائر في سيناريو حبكه الألمان والانكليز في اليومين الماضيين رغماً عن أنوف عشاق الكرة المستديرة في المونديال الأفريقي الأجمل على الإطلاق عبر تاريخ البطولات العالمية السابقة .
نعم ، هكذا أرادتها الفرقتان الالمانية والانكليزية اللتان تسابق مدربوهما ولاعبوهما واعلاميو البلدين على الايغال في بناء صور قاتمة عن اللقاء قبل انطلاقه في حملات دعائية لم ينقص قادتها سوى حملهم السلاح لاشهاره كل في صدر الآخر بدل من ارساء رسائل المنافسة بروحية العصر الجديد للمونديال ونبذ العنف والكراهية وترسيخ تقاليد الاحترام والمحبة واشاعة مظاهر نبيلة لكل منتخبات العالم من اقوى وافضل منتخبين على مر العصور والدهور.لا يمكن ان نعفي طرفا دون آخر من عواقب الدقائق التسعين اذا ما اشتهت نزعات الاشرار تثوير المدرجات واحراق الاعلام وتأجيج نفوس اللاعبين داخل الملعب استنادا الى تأثر الجمهور بالخطاب الاعلامي المقرف الذي دأب عليه الوفد الانكليزي ومعه الالماني في وقت استعاد الاثنان انفاس الارهاق من ملحمة الدور الاول حيث برت الصحف الانكليزية أسنة اقلام المواجهة وراحت تكيل أسوأ الاوصاف بحق المنتخب الالماني وذكّرت لاعبي منتخبها بان ( العدو القديم جاء لينتصر بروح الغرور فاعدوا لماكنات الحرب الالمانية اقوى المدافع التدميرية ) ! رداً على كلمة استفزازية ادلى بها قيصر الكرة العالمية فرانز بكنباور الذي للأسف انزلق الى مستوى ( التعصب الشعبي) بقوله : ان الانكليز لا يملكون العزيمة على الفوز لانهم منهارون وقلت حيلتهم ولم يعدوا باستطاعتهم الوقوف على اقدامهم لاكثر من شوط واحد ! وزاد الطين بلّة تحذير لاعبي بلده بان عليهم توقع مباراة (مذبحة)!ولكي يخفف بكنباور الضغوط هذه ، نصحهم بالترفيه في حديقة ( ليون بارك) ثلاث ساعات لمداعبة الاسود الصغيرة وما ان فرغوا من الرحلة حتى صدر تصريح من الوفد مفاده ( ان اللاعبين عادوا جميعا من النزهة ولم تأكلهم الأسود) !بينما جاء رد صحافة ( الأسود الثلاثة ) بنشرها صور عشرة لاعبين مؤشر عليهم بعلامة حمراء شَككت في وطنيتهم ، وعرضت تفاصيل انتماءاتهم العرقية قبل اختيارهم الوطن البديل (المانيا) في محاولة للتأثير على معنوياتهم واضعاف الشعورالوطني قبل بدء المنازلة انتقاماً مما صدر عن شخصيات رياضية كبيرة اسهمت بشكل سلبي في تصدّع العلاقة ورفع وتيرة العداء والبغض بينهما.استوقفتني هنا وسط الحملات المسعورة لكلا المنتخبين ، الكياسة والمهنية والمنطق الذي ظهر عليه كابيلو ولوف ، فالاول بدا واثق النفس ولم يأبه للقيل والقال واكد انه سيلعب مباراة عادية طالما وضع هدفا محددا يؤهله لمواصلة الطرق على الباب الأخير في النهائي لاحتضان جائزة البطولة، بينما تعامل لوف مع الموقعة بحكم استعداده الفني لها وحدسه بانها ستكون الاصعب في المنافسة من دون ان يغمط حق التاريخ وطالب الجميع بالمحافظة على اللعب النظيف وسمعة المونديال لان مباراة اليوم في النهاية ستكون من حصة التوثيق للاجيال المقبلة.لاشك ان الثأر سيحضر بقوة بين دقائق المباراة لاسيما من طرف انكلترا التي تجرعت مرارة المهانة مرتين الاولى عندما القى الالمان بحظوظها من شرفة الدور ربع النهائي لمونديال المكسيك عام 1970 والثانية من دور نصف النهائي عام 1990 ، ايام امتلاكها نجوما لا يشق لهم غبار ولم يخذلوها مثلما يحصل اليوم من تراجع مخيف في المستوى والاداء وهي التي دفعت انكلترا ثمنها في اكثر من مناسبة بسبب استنزاف الطاقات في اصعب واشرس مسابقتين في القارة الأوروبية ( البريمرليغ والبوندسليغا) بحسب تحليل المراقبين.الكلمة الاخيرة ، بلاشك لن تكون للصحافة ولا الجماهير ، بل لمن يحترم مكانة الكرة وسط جموع ملايين العشاق الذين يتوسمون خيراً برؤية عمالقة الفن الكروي المدهش يؤدون ادوارهم بلا مشاكسة او عنف لانتزاع تذكرة ربع النهائي باستحقاق ، فالمونديال واحة خضراء وافرة بالعطاء وحرية الدفاع عن فانيلات الاوطان ، وليست ساحة حرب للانتقام والوعيد!Ey_salhi@yahoo.comrn
مصارحة حرة ..كرة انتقام أم سلام ؟!
نشر في: 26 يونيو, 2010: 06:09 م