اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كـرسـي عالية نصيف

العمود الثامن: كـرسـي عالية نصيف

نشر في: 27 مارس, 2022: 11:45 م

 علي حسين

في كل مرة أحاول أن أجرب حل هذا اللغز المؤلف من ستة أحرف "الكرسي" ولكن، لا جدوى، لا أمل.. في تراث أجدادنا العرب كانوا ينظرون إلى الكرسي كبدعة انتشرت فيما بعد، حيث فضلوا عليه "التخت" وفرشوا عليه السجاد والوسائد ليستلقوا عليه بارتياح، وقد ذهب إعرابي لزيارة معن بن زائدة فوجده جالساً على تخت وثير فهجاه قائلاً:

أتذكر إذ لحافك جلد شاة

وإذ نعلاك من جلد البعير

فسبحان الذي أعطاك ملكاً

وعلمك الجلوس على السرير

وقبل سنوات اطلعت على كتاب طريف بعنوان "ألف كرسي" مؤلفته شارلوت فيل، تخبرنا فيه أن الكرسي علامة على المكانة الاجتماعية والرسمية، ويعكس نفسية من يجلس عليه، وتضيف أن الإنسان عادة يفضل الكرسي الجميل والمهم، لكنه ربما لا يختار المريح.. وتذكر المؤلفة أن الآشوريين هم أول من صنعوا الكرسي وأن الصينيين طوروه، وأن الأميركيين اخترعوا النوع الهزاز والذي استبدلوه الآن بالمستر ترامب الذي يهتز عندما يسمع كلمة صحافة.

ولأننا قوم الكراسي فإن حكامنا عمرهم أطول من أعمار كراسيهم، لا تستطيع قوة أن تزحزحهم عن حكم البلاد، لا يهتز لهم جفن فهم يدركون جيداً أن شعوبهم خانعة، خائفة، لا تملك إلا الصمت ولا يصلح لقيادتها إلا حاكم يعشق كرسيه، حكام أبطال في قهر الشعوب، قادرون على أن يقرروا بأنفسهم كل شيء، طالما قلوبهم تنبض.. ليست مهمة أبداً أعداد القتلى من الأبرياء ولا قوائم الأرامل واليتامى، ولا تزييف إرادة الناس، فالحاكم يظل مبتسماً على الرغم من انتشار الأمراض كالفساد والخراب والقتل على الهوية، لأنه ينعم وحاشيته بخيرات "الكرسي"، وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى.

ولأننا نعيش في عصر وباء الانتهازية والبحث عن المنافع، فأننا نسخر من وباء "كورونا" فهذا الشعب الذي تحمل منذ عقود طويلة كل أنواع الفايروسات السياسية، هل سيخاف من فايروس لايُرى بالعين المجردة؟، ولهذا وجدنا الطبقة السياسية تستقبل فايروس "الانتخابات " بترحاب، بوصفة سلاحاً سينشغل به المواطن المغلوب على أمره، ويترك الساسة "الأفاضل" يقررون مصير البلد، ولا يهم أن فايروس اللامبالاة الذي عشنا معه أثناء احتجاجات تشرين، راح ضحيته أكثر من 700 متظاهر، دون أن يرف جفن للدولة أو الطبقة السياسية .

نحن المساكين الذين أتعبهم تشبث عالية نصيف بكرسيها، وهي تصرخ " وا ديمقراطياه " فقد أخبرتنا أمس أنها ترفض المحاصصة لكنها أيضا تجد في حكومة الأغلبية خطراً على الشيعة فقط .. و لا تستغرب عزيزي القارئ مما تقوله السيدة النائبة فهي جزء من ماكنة إعلامية ابطالها لن يغادروا الكراسي التي تبني لهم ثروات في بلدان إخرى.. هذه إذاً قصة العراق في ديمقراطية "ما ننطيها".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram