تثير الاشتباكات الراهنة بين مسلحين كرد وعناصر من الجيش السوري الحر في شمال سوريا إضافة إلى امتناع المكون الكردي المكون من ثلاثة أحزاب عن تسمية نائب للرئيس في الائتلاف السوري المعارض الذي اعترفت به الجامعة العربية ودعت أوروبا لدعمه عديد الأسئلة عن موقف كرد سوريا مما يجري في وطنهم, وهم اقتصرت مطالبهم قبل تفجر الأحداث على المطالبة بالحرية والديمقراطية والتعددية على المستوى الوطني إضافة لمطلبهم القومي بحقوق ثقافية وسياسية تتعلق بخصوصية هويتهم القومية, غير أن سير الأحداث طور طموحاتهم فانتقلوا إلى مطلب حق تقرير المصير، وشكل الدولة السورية بعد الأسد وهل تكون فدرالية يتمتعون فيها بالحكم الذاتي والاعتراف الدستوري بهم كقومية ثانية وصولاً للمطالبة بإلغاء كلمة العربية من اسم الدولة الجديدة لتصبح الجمهورية السورية.
هذا التطور بالطبع لا علاقة له بالحراك المطالب بإسقاط النظام, بقدر ما هو تعبير عن الطموحات القومية حيث ترفرف أعلامهم على العديد من البلدات التي آلت إدارتها لعناصر من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي, وهو المعروف بأنه الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني, بالطبع فإن هذا أثار مخاوف أنقرة, التي تخشى من تأثيرات ذلك على كرد تركيا ومن تفجر معارضة " علوية " في منطقة لواء الإسكندرون, حيث تنمو في هذه المنطقة معارضة تنطلق من أسس مذهبية لموقف الحكومة التركية " السنية " من الأزمة السورية, وهي ورقة ليس بعيداً على دمشق أن تلعبها حين يحين أوان حاجتها.
تدعو مواقف الأقلية الكردية المتباينة " أكثر من عشرين حزباً " إلى السعي لبلورة مبادرة ترضي الكرد ومعارضي الأسد العرب وبحيث تنتفي إمكانية اندلاع معارك حقيقية بين الجانبين تقتل معها كل أمل بتحقيق مطالبهما وتأخذ في الاعتبار مراعاة حساسيات كلا الطرفين ويعني ذلك التوقف من جانب العرب عن الجهر بأن سوريا الجديدة ستكون نسخة عن الحالية من حيث التعامل مع الأقليات تحت شعارات الوطنية والأخوة بديلاً عن الحقوق , والامتناع من جهة الكرد, على الأقل في المرحلة الراهنة, عن المطالبة بالحقوق القومية للأمة الكردية وبما يعني انفصال أجزاء من سوريا لصالح الدولة القومية الكردية ويثير المخاوف من أن يكون ذلك مقدمة لإنشاء دويلة علوية ما دامت حقوق الأقليات غير مصانة ولا معترف بها.
في الأصل ومنطق الأمور أن لا يختلف العرب والكرد في سوريا وهم يسعون إلى دولة تحفظ حقوق كل مواطنيها, غير أن واقع الأمور يستدعي مراجعة مواقف انبنت خلال عقود فالعربي مطالب بتناسي مركزية الحكم في قلب العروبة النابض لصالح دولة تعددية تعترف بحقوق الأقليات والكردي مطالب بالانخراط في الحراك الرامي لهذا الهدف والترحيب بالمفهوم الجديد للمواطنة التي تساويه بالآخرين وإدراك أن الأولوية لمصالحه لا تكمن في السيطرة على قرية أو بلدة هنا أو هناك ولا الارتهان لمتطلبات أحزاب كردية غير سورية على أسس قومية نعترف أنها مشروعة ونقر بأن اليوم ليس مجال تحقيقها.
كرد سوريا..إلى أين؟
[post-views]
نشر في: 17 نوفمبر, 2012: 08:00 م