 ميسان/ مهدي الساعدي

اغلق قاسم البالغ من العمر 57 عاما حقله الخاص بتربية العجول بعد بيعه آخر ما تبقى منها لينهي بذلك مشوار عمله الذي زاوله منذ عقود وكان مورده الاساسي في رفد احتياجاته المالية تاركاً خلفه ذكريات جميلة قضاها بين ارجاء حقله الكبير وفي رحاب مهنة تربية وبيع المواشي.

لم يكن حال قاسم شنون الوحيد في تركه مهنة كان يطلق عليها (مهنة الربح السريع) بل هو حال اغلب اصحاب حقول تربية المواشي في محافظة ميسان لوجود اسباب اساسية جعلت المهنة تتأرجح بين ركود التجارة او افلاس التسويق.

يقول قاسم في حديث عن اسباب غلق حقله كما هو حال بقية المربين إلى (المدى)، "اصبحت مهنة تربية المواشي تجارة خاسرة ولا يمكن الاعتماد عليها بسبب ارتفاع اسعار الاعلاف الى حد غير طبيعي بحيث وصلت الى ضعف اسعار العام الماضي بل زادت عليه ليكون مقدار علف الحيوانات يفوق اسعارها وبالتالي لا يوفر سعر بيع العجول اثمان علفها فقط او تباع بأسعار مضاعفة والسوق لا يسمح بذلك لعدم وجود اسعار بهذه الضخامة".

ولم يكن الحال مختصا بأصحاب حقول تربية العجول فقط بل خص اغلب اصحاب المواشي بما في ذلك الاغنام "ارتفاع اسعار الاعلاف أثر بشكل كبير جدا على تربية الاغنام خصوصا في الحقول اما الاغنام المعتمدة على الرعي فيعاني اصحابها من قلة المساحات الخضراء بسبب قلة الامطار في الموسم الحالي وتأخر نمو الاعشاب وارتفاع اثمان المزروعة منها مثل الجت والبرسيم لذا تكمن صعوبة تربية الاغنام في رفد اعلافها وفي حال بيعها فأنها لا تستوفي حق علفها". يقول كريم هليل لـ(المدى).

ارتفاع اسعار اعلاف الحيوانات كانت له اسبابه ايضا اوضحها لـ(المدى) عبد مطر صاحب احد محال بيع الاعلاف بالقول "يعتمد اصحاب المواشي على استخدام الشعير او الطحين في تسمين مواشيهم ويعود السبب في ارتفاع اسعارها الى قلة المنتوج المحلي من الحبوب وارتفاع اثمان الطحين أيضا".

وتابع، أن "المثال ينطبق ايضا على (النخالة) مخلفات طحن الحنطة او (السحالة) الناتجة عن تنقية الشلب واسباب ارتفاع اسعارها متعلقة بقلة الزراعة وامتناع الفلاح عن زراعة اراضيه".

الزراعة لها صلة وثيقة في توفير اعلاف المواشي وسد اغلب احتياجاتها ولكن الحال لا يسر من حيث سعة الاراضي المستثمرة للزراعة، جاسم حمدان احد فلاحي ميسان يقول في حديثه إلى (المدى) "لم نزرع دونما واحدا لهذا العام والسبب قلة الامطار حيث تقع اراضينا في منطقة الجزيرة وتعتمد بصورة كلية على زراعة الديم والمعتمدة على الامطار ولمتابعتنا السابقة للموسم عن كمية الامطار المتوقع تساقطها قررنا عدم المجازفة والزراعة وبالتالي الاعتماد على الحظ اكثر من النسبة المتوقعة من الامطار وبالتأكيد سيؤثر ذلك على عدم توفير اعلاف الحيوانات من مخلفات الزراعة مثل التبن او (الجل) مخلفات حصاد الحنطة".

الجاموس لم يكن بأفضل حالا من مثيلاته من الابقار والاغنام بل يلقى ما تلقاه بقية انواع الماشية من صعوبة توفير الاعلاف لسبب ارتفاع اسعارها ابو كاظم احد مربي الجاموس يقول لـ(المدى) "يعتمد الجاموس في علفه على السرح في الاهوار او توفير العلف في الحظيرة وانحسار المساحات المائية بشكل كبير حد بدوره من نمو النباتات المائية التي يعتمد عليها الجاموس بالإضافة الى قطعها مسافات طويلة لغرض الوصول الى ما تبقى من تلك المساحات واذا بقيت في الحظيرة فأنها بحاجة الى كميات كبيرة من الاعلاف ومردودها من الحليب لا يسد نفقة اعلافها".

اسعار بيع المواشي انخفض عما كان عليه سابقا فلم تعد هناك رغبة في شرائها من اجل التربية وان تكن فليست بالأقبال الكبير والسبب ارتفاع اسعار العلف وقلة المردود الذي تحققه.

"بعت جاموستين بأسعار وصلت الى نصف ما كانت عليه في العام الماضي بسبب عدم او قلة اقبال المربين لشراء المواشي لهذا الموسم كما هو حال بقية المواشي". يقول ابو كاظم عن اسعار بيع المواشي إلى (المدى).

وعلى الرغم من انخفاض سوق بيع المواشي الا ان اللحم ما زال يحافظ على سعره في الاسواق دون ان ينزل عن قيمته والسبب كما يراه المختصون طمع تجار بيع وشراء الماشية بالربح.

وفيما باع قاسم شنون كل عجوله الا انه فضل ان يبقي حقله على اتم الجهوزية فأنه لم يفقد امله في الرجوع الى مزاولة نشاطه التجاري بعد لكنه فضل الابتعاد قليلا بسبب ارتفاع اسعار الاعلاف وهو يمني النفس بموسم جديد تنخفض فيه الاسعار لتكون جولة جديدة في تربية وتسمين العجول.