 ميسان/ مهدي الساعدي

يستخرج عماد (صاحب صيدلية) سجل الديون ليشطب جزءا منها بعد ان دفع له أحد المديونين مبلغا من دينه فهو يقسط سعر الدواء للذين لا يستطيعون دفعه كاملاً بسبب ارتفاع ثمنه من باب وتدني الحالة المعيشية للعديد من ابناء مدينة العمارة من باب آخر.

تقع صيدلية عماد في أحد الاحياء الشعبية في مدينة العمارة وينادونه اغلب ابناء الحي باسمه فهم يعرفونه جيدا ولولا هذه العلاقة المجتمعية لأصبح الامر غير ذلك في ظل الارتفاع المتزايد في الاسواق ومنها سعر الدواء الذي أصبح كابوساً مرعباً يراود اهالي الاحياء الشعبية الفقيرة وساكني العشوائيات.

يقول سالم محسن أحد زبائن عماد، في حديث إلى (المدى)، إن "والدتي تعاني من تراكم الامراض المزمنة ولديها مشاكل في القلب وتكلفة دوائها شهريا تتجاوز الـ 200 ألف دينار، وانا اتقاضى راتباً شهرياً مقداره 400 ألف كوني موظفا على ملاك وزارة الصناعة ولا اعلم كيف أدبر اموري لولا علاقتي بصاحب الصيدلية على اعتباره أحد ابناء حينا وتربطني به علاقة وطيدة".

من جانب آخر أفاد عماد صاحب الصيدلية إلى (المدى)، بأن "صيدليات المحافظة تنقسم الى قسمين الأول يقع في مناطق تجارية او مناطق تواجد الاطباء واخرى تقع في الاحياء الشعبية وصيدليتنا من النوع الثاني ونحرص بدورنا على مراعاة الحالة المعاشية لأهالي الحي وكسب أكبر قدر كزبائن يعول عليهم في حركة الصيدلية".

إن ارتفاع اسعار الادوية منع العديد من المرضى الذين لا يتمكنون من شرائه من الحصول عليه وبالتالي يضطرون لبقائهم فترة بدون استخدامه.

ويقول رسول احد المصابين بالأمراض الجلدية المزمنة "لا استطيع شراء العلاج الخاص بالمرض الذي اعاني منه بسبب ارتفاع ثمنه وانا لا املك المال وليس لدي مرتب او املك من يعينني حتى، لذا تفاقمت علي الحالة او ابقى بانتظار احد المحسنين".

اسباب ارتفاع اسعار العلاج في محافظة ميسان تطرق له اجمالا نقيب صيادلة المحافظة معتمد حنون في تصريح اعلامي اطلعت عليه (المدى) بالقول "تعتبر نسب أرباح الصيدليات هي أقل نسب الأرباح بالمقارنة مع جميع المهن الأخرى التي تخضع لقوانين البيع والشراء".

وتابع حنون، أن "الصيدلي قد يكون خاسرا في مشروع فتح الصيدلية لما عليها من تكاليف عالية لضمان ديمومة استمرار العمل في هكذا مشاريع في ظل ارتفاع أسعار ايجار المحال والبنايات وارتفاع الرسوم المترتبة على العمل ومنها الضرائب وغيرها".

وعلل حنون السبب في ذلك بالقول "إن عملية توفير الدواء في المؤسسات الصيدلانية هي عملية ذاتية تخص الصيدلي فقط وبدون عون الحكومة أو الدولة بصورة عامة أي أن الدواء حاليا غير مدعوم من قبل الدولة".

وذكر، أن "عملية توفير الدواء من المناشئ الرصينة والشركات ذات الجودة العالية التي تضمن وصول الدواء الآمن والفعال في نفس الوقت تحتاج إلى رفع مستوى الأسعار لكون تلك الادوية ذات تكلفة عالية من المصدر أصلا وما يوازيها من أدوية ذات مناشئ أقل رصانة لشركات أدنى مستوى بالضرورة تحتم أن تكون أسعارها أقل".

وتابع حنون، أن "ذلك يولد الفوارق التي قد تكون كبيرة في أغلب الأحيان خاصة إذا ما علمنا أن هناك أدوية لشركات ومناشئ غير رصينة تكون أسعارها قليلة جدا مع قلة الجودة وعدم الفعالية المطلوبة".

إلى ذلك، ذكر أحد اعضاء مؤسسة اطباء بلا اجور الانسانية في حديث إلى (المدى)، أن "عدد العوائل الفقيرة التي تعتمد على المؤسسة يزداد كونها تعنى بتوفير العلاج بالمجان لهم من خلال التعاون مع الصيدليات في المحافظة". وتابع: "ورغم مواجهة المؤسسة لمعاناة قلة الدعم الا انها ما زالت تعمل على القدر المتيسر من توفير الفحص والعلاج المجاني وبدون مقابل للعوائل الفقيرة".

ويرى مراقبون أن موضوع تأمين الرعاية الصحية للفقراء وذوي الدخل المحدود اصبح من المواضيع المؤرقة بسبب زيادة حالات البطالة والفقر بين الكثير من ابناء المحافظة وارتفاع معدلات اسعار الدواء لذا يلزم على الدولة او وزارة الصحة فتح منافذ دوائية يمكن من خلالها تخفيف العبء على تلك الشرائح. يعاني عماد احيانا من قلة تسديد زبائنه لما في ذممهم من ديون مما يضطر الى التوقف عن شراء الدواء حتى يتوفر له مقدار أكبر من المال، مؤكداً ان "اغلب مذاخر الادوية تتعامل بالدفع الفوري لذا نضطر احيانا للتوقف عن شراء وجبات جديدة من الادوية لحين توفر السيولة المالية".