محمد حمدي
تابعت بشغف ردّات الفعل الفعل لأغلب دول العالم التي لم تستطع تسجيل حضورها بين 32 منتخباً عالمياً من مختلف القارّات ستتواجد في مونديال قطر 2022، والحالة المُشابهة التي استطيع تدوينها وإن كانت بنسب متفاوتة هو سرعة الاستجابة لدعوات التغيير والاصلاح ودراسة مكامن الخلل واصلاحه حتى تلك البلدان التي لم تتذوّق شهد المونديال وحضوره يوماً كما هو الحال مع فيتنام واندونيسيا وتايلاند والهند وبنما ومالطا وكينيا، عمل حقيقي لتغيير آليات العمل والإعداد وترك الخمول وسوق التبريرات التي لا تمتُّ الى الواقع بصلةٍ إطلاقاً.
وفيما يخصّ اخفاقنا فإن الحال يختلف تماماً والتعامل مع خروجنا الانهزامي يبدو أنه سيكون بسيطاً بانتظار أن تستوعب الجماهير الصدمة ثم تجد ما يشغلها بأمور أخرى، المهمّ أن تكون بعيدة كل البُعد عن المنتخب وبعدها سنضطرّ صاغرين الى استيعاب المزيد من الصدمات في اعقاب تبخّر حلم جماهيرنا في الوصول الى مونديال قطر 2022، وانتظار الفرصة الجديدة حتى عام 2026 ولو تأهلنا وقتها ستكون مشاركتنا الوحيدة عام 1986 في المكسيك قد مضى عليها 40 عاماً!! وهي فترة طويلة جداً تعكس حالة التردّي والضعف الذي نعيشه ونهاية أجيال رياضية كاملة!
لا أريد أن استعرض مدى المرارة والشعور بالاحباط من جرّاء هذا التراجع ومن يتحمّل مسؤوليته بقدر ما أريد أن اعرّج فيه على تجارب واقعية جداً لدول أخرى اعتادت أن تصل للمونديال وتتواصل فيه بحضور، وأول هذه البلدان هي إيطاليا صاحبة أحد الأرقام القياسية في الفوز بكأس العالم.
فقد جاءت الخسارة التي تعرّض لها المنتخب الإيطالي من نظيره المقدوني، لتدفع الصحف الإيطالية مع الجماهير لشنِّ هجوم عنيف على الملاك الفني بقيادة روبرتو مانشيني ولاعبي الأزوري!
هجوم استوعبته الحكومة الإيطالية كمشكلة كبرى تمسُّ سُمعة البلاد، وتعامل معه اتحاد الكرة بقدر المسؤولية والثقة التي يوليها الجمهور لهذا الاتحاد، وكانت النتيجة أن يصار الى تغيير خُطط العمل للمنتخبات والأندية مبّكراً.
المرحلة الأخرى لصدمة مدوّية هو الهجوم الساحق على منتخب النجوم الفراعنة الذي ودّع المونديال أيضاً وبعدها أعلن المدرب البرتغالي كارلوس كيروش رحيله عن المنتخب المصري، بعد فشله في الوصول إلى نهائيات بطولة كأس العالم 2022 إثر هزيمته أمام نظيره السنغال بركلات الترجيح، اتحاد الكرة المصري تحمّل مسؤولية الخروج الصعب ورفض التلاعب بمشاعر الجماهير، والاعتراف الصريح بالحاجة الى العمل بنظام احترافي كبير سيكون مدعوماً من الحكومة المصرية بتوفير جميع آليات الاستثمار الحقيقي لتطوير كرة القدم ووصول اللاعب المصري الى الاحتراف الحقيقي مع الأندية أيضاً.
الحادث الآخر الأكثر واقعية هو ردّة الفعل لرئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، شرف الدين عمارة، واستقالته، عقب الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس العالم قطر 2022.
ووصف عمارة في مؤتمر صحفي بالعاصمة، الإقصاء بأنه "خيبة أمل ونهاية حلم تبخّر في ثوان معدودة"، مردفاً "أعتذر بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى للجزائريين" والأجدر بمن يتصدّى للمسؤولية هو العمل بتخطيط لأربع سنوات مُقبلة مع خارطة طريق كتلك التي اعتمدتها بلجيكا بحضور أكبر الاستشاريين العالميين في ميدان الكرة.
تجارب أخرى كثيرة جداً لا يصعب على اتحاد الكرة ولجانه متابعتها والاستفادة منها بالقدر المستطاع، وهي أفضل خطوة ممكن تعميمها على دوري الكرة والفئات العمرية وقانون الاحتراف كلاعبين وأندية، ولا ينبغي تفويت الفرصة بانتظار موسم بطولات غرب آسيا لذرّ الرماد في العيون أو إعلان فوزنا بشرف تضييف بطولة خليجي 25، فجمهور الكرة لا تعنيه إعلانات مُستهلكة!