د. قاسم حسين صالح
في رمضان،نكثر نحن العراقيين تداول عبارة (اللهمّ اني صائم)..فماذا تعني سيكولوجيا؟
التحليل السيكولوجي لهذه العبارة التي تخص “اللسان” تحديدا ،انها تأتي لحظة يهمّ الصائم بقول شيء يعتقد انه سيبطل صيامه، او حين يكون في موقف يدفعه الى التعليق كأن يريد ان يغتاب احدا،وقد يغتابه فعلا ويجد في قوله (اللهمّ اني صائم) تبريرا لاغتيابه!.
والمفارقة،ان شيوع عبارة (اللهمّ اني صائم) تكشف لنا أننا في غير رمضان نكثر من الكذب والنفاق والغيبة والنميمة والالفاظ النابية وعدم القدرة على التحكّم بغضبنا في تعاملنا مع الناس فنطلق العنان للّسان بقضم سمعة فلانه وفلان!.
ويكاد العراقيون ينفردون بتعكر المزاج في رمضان..فالاحداث والفواجع وما عانوه في (18) سنة من خيبات متوالية واحباطات، اتعبت اعصابهم ولم يعد في حوصلة أحدهم مكان يتسع لها حتى في الأيام العادية،فكيف اذا كانت معدته خاوية وريقه ناشفا!
وعلميا،ان مركز الغضب في الجهاز الأنفعالي يكون في أشدّ حالاته استثارة في رمضان،فان سمع الصائم كلمة تستفزه من احدهم فان مركز الغضب يرسل الى اللسان مفردات قد يكون بينها (الكفر) فيمنعه بقوله (اللهمّ اني صائم) قبل أن ينفلت.
ومعلومة سيكولوجية تفيدكم:ان نرفزة الاعصاب وضعف السيطرة على التصرف لدى بعض الصائمين الناجمين عن هذين الوضعين النفسي والفسلجي، يرتبطان بآلية نفسية نسميها (التحويل) ونعني بها ان الأقوى (يفرّغ قهره) بالاضعف. فيوم كان يعود الصائم من الدوام في رمضانات تموز( وهو شبه متفحّم) وتتأخر زوجته في فتح الباب،فانه ما ان تفتحه، ينفجر بوجهها، ويلعن اليوم الاسود (العرّفني بيج..وساعة السوده التزوجتك بيها...). ويزداد نرفزة ان وصل بيته متأخرا من شدة الازدحام،او ان مديره قد وجّه له عقوبة في ذلك اليوم..فعندها (يا ويل زوجته منه)..سيفرغ بها قهر الحرّ والكهرباء والعقوبة!..وينسى نفسه انه صائم.
والأم الصائمة تمارس ايضا (تحويلا) .فاذا انقطع الماء والكهرباء ولا تعرف ماذا تطبخ للفطور فياويل اطفالها منها..سوف تكفخ هذا وتصرخ بوجه ذاك وتلعن هي الاخرى (حظها المصخم!).وفي تصرفها هذا (حكمة) لأن اقل احتكاك بينهما قد يؤدي الى نشوب (حريق نفسي) ينجم عنه ما يجعل الأسرة تخسر ليس فقط المودّة بين افرادها بل حتى صيامهم أيضا.
ونصيحتنا للأزواج والموظفين..ان مزاج بعض الصائمين والصائمات في رمضان يكون (عكرا نزقا) وان جهازهم العصبي،بفعل انخفاض مستويات السكر بالدم وجفاف الاعصاب وتغير ايقاع الساعة البيولوجية واضطراب برنامج النوم المعتاد عليه الدماغ، يدفع صاحبه لا اراديا الى ان يعمل على خفض توتره..اسهلها عليه (التحويل) بأن يفرغ الاقوى قهره بالاضعف..ليس فقط بين الزوجين وافراد العائلة..بل وحتى بين الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية والأهلية.
اللهمّ..اني مكورن!
من طريف ما حصل اننا استطلعنا آلآراء يوم هاجمنا كوفيد 19، بسؤالنا:(اللهمّ اني صائم..متلازمة العراقيين في رمضان، ترى ماذا يرددون برمضان في زمن كورونا؟)
اليكم بعض اجاباتهم:
• هم كورونا وهم صيام ..فوت حالي دكتور لا اخرب وياك!
• هم كورونا وهم حجز منزلي وهم صيام وهم شغل ماكو..ليش كلهن اجني سوه!
• طكت روحي..اريد اطلع للمول افطر وي صاحباتي
• كوفيد19..صير خوش ولد..ليش تركض على اولاد الخايبة وعايف اولاد(الق...)
• اللهمّ..اني مكورن!
• كنت ادور على عذر حتى افطر..شكرا كورونا.
• كورونا..أصوم وادعي على النهبونا.
وما يزال الحق معهم في زمن (التيار والأطار)، فمنذ العام 2019 اقترن الخوف والقلق والرعب والموت..بكورونا، والأوجع أننا فقدنا أحبة اخذوا الفرح معهم ليتوحد فيروس كورونا مع فيروس الفاسدين الذين قتلوا سبعمئة شابا يسوون شوارب هؤلاء أولاد (القح..)..توقف يالساني(اللهمّ أني صائم )