سامر الياس سعيد
شهد الأسبوع الماضي، في مدينة الموصل، رحيل المدرب العراقي المعروف عبد الإله محمد حسن الذي كان يلقب بـ (أبو الهزايم) ولهذا اللقب حكاية تستحق أن تروى قبل أن نشهد محطّات هذه الكفاءة التدريبية التي غادرتنا بصمت من دون أن نطالع في صفحات صحفنا أية معطيات أو أخبار مقتضبة عن رحيله عطفاً على ما قدّمه هذا المدرب الذي لم يكتفِ بتدريب منتخبات العراق الوطنية والعسكرية فحسب،
بل أيضاً تولى قيادة المنتخب الوطني الفلسطيني حيث يعد حسن الكفاءة التدريبية الرائدة التي تحصّلت على شهادات تدريبية من المدرستين الإنكليزية والألمانية أهّلته لقيادة منتخبات وأندية عراقية، إضافة لريادته في الاحتراف الداخلي بعد أن وفد من مدينة الموصل.
ترى ما حكاية لقب (أبو الهزايم)؟! يشير صحفيون معاصرون للمدرب عبد الإله محمد حسن الى كونه كان لاعباً قبل أن يتولّى دفّة التدريب حيث كان يلعب بمركز رأس الحربة متميّز بسرعته التي تخترق حواجز الدفاع وكان لاعبي الوسط من زملائه يوظّفون تلك الميزة بأرسال كراتهم لحسن كي تجتاز تلك الخطوط، فيهرب بها من أجل مواجهة المرمى والحارس وتسجيل الأهداف فجاء لقب (أبو الهزايم) كونه كان ينهزم بالكرة بهذه الطريقة ليسجّل ويحقق الأهداف لفريقه الذي يمثله.
أما سيرته فهي حافلة بالكثير من المحطّات التي بدأها من منطقة شعبية بمدينة الموصل تُعرف بمحلّة النبي شيت وربّما كان لمجاورتها منطقة الدوّاسة وما أحتوت من مساحات واسعة لملاعب اسهمت ببلورة الموهبة والامكانية لدى اللاعب المولد في العام 1934 والذي بدأت بوادر الموهبة الكروية تتجلّى لديه في سنٍّ مبكّرة حتى دعت المدرب الموصلي الرائد محمود يونس لرعايته والاهتمام به وصقل مهاراته.
دعا يونس اللاعب حسن لتمثيل منتخب الموصل المدرسي قبل أن يرتقي المراحل الدراسية وصولاً لكلية التربية الرياضية في جامعة بغداد في العام 1956 وتخرّجه منها بعد أربعة أعوام حيث لم يكتف بعلوم الرياضة التي تحصّل عليها خلال فترة الدراسة تلك، بل سافر إلى إنكلترا من أجل الحصول على شهادة تدريبية مرموقة تخوّله قيادة المنتخبات والأندية، إضافة لزيارته ألمانيا منتصف السبعينيّات ومعايشته التدريب في أبرز معاقل الكرة هناك ممثلة بنادي بايرن ميونخ.
هذه الفترات التي قضاها المدرب عبد الإله محمد حسن سعياً بتطريز مهاراته وقدراته التدريبية أثمرت عن محطّات واسعة لاحقة أبرزها تدريب المنتخبات لاسيما حينما كُلّف من قبل الاتحاد العراقي بكرة القدم بتدريب المنتخب الأولمبي قبل عام من تحضيره للدورة الأولمبية المكسيك 1968، كما قاد منتخبنا الوطني في بطولة دولية بروسيا العام ذاته.
يعتبر المدرب حسن أول مدرب عراقي يتولى تدريب منتخب دولة أخرى حيث قاد منتخب فلسطين بكرة القدم وذلك عبر ثلاثة أعوام بدءاً من عام 1968 وحقّق مع المنتخب المذكور مركز الوصافة في بطولة ودّية جمعت كلا من منتخبات مصر وفلسطين ولبنان والبحرين وقطر، وتوّج بها المنتخب المصري، وكان من ضمن لاعبي المنتخب الفلسطيني مروان كنفاني ومحمد المغربي ومحمد العربي وحسن عليان الذي يعدّون اليوم روّاد الكرة الفلسطينية عبر فواصل الزمن.
فيما لم تقتصر محطّة المدرب عبد الإله محمد حسن على صعيد تدريب المنتخبين العراقي والفلسطيني فحسب، بل برزت على صعيد قيادته للمنتخبات العسكرية، فيذكر التاريخ الرياضي حول هذه الفترة بأن المدرب حسن أشرف على تدريب المنتخب العسكري في عام 1965 حينما خاض هذا المنتخب مباراة ودية بنظيره منتخب الدول العربية بمناسبة اعتزال الكابتن العراقي جميل عباس المعروف بجمولي، كما تسنّى لحسن قيادة منتخب العراق العسكري المشارك ببطولة السيزم التي أقيمت بالكونغو عام 1973 إضافة إلى قيادته المنتخب في بطولة الصداقة الدولية التي أقيمت بمالطا عام 1980.
رحل المدرب عبد الإله محمد حسن، وبقيت محطّات تدريبه ماثلة في التاريخ لتبرّز مرور مدربين مهمّين، كالمدرب الراحل بصمت من دون أن تبرّز أي تضيء اي قناة إعلامية خبر رحيله عن الدنيا الفانية.