عارف الساعدي
خسارة فادحة ألمت بالشعر العربي الحديث برحيل احد اكبر سدنته المخلصين له والعاكفين على فانوسه المضيء ذلك هو الشاعر الكبير حسب الشيخ جعفر، حسب الشيخ جعفر الذي يمثل الانعطافة الثانية في حداثة الشعر الحديث بعد تجربة السياب دون ضجيج وتنظير وصخب،
فقد كان مهموما بالقصيدة المخلصة للشعر فقط والخالية من اي وظيفية الا وظيفة الشعر وهو من التجارب النادرة التي تنتج الشعر للشعر فقط دون أي غرض اخر غير الشعر ووجهه الناصع، لذلك انساب اسم حسب الشيخ جعفر في الشعرية العربية بهدوء حتى أصبح جدولا مهما من جداول الشعر.
ان تجربة القصيدة المدورة إحدى اهم التجارب الحداثية التي شكلت مدرسة دخل فيها الكثير من الاجيال الشعرية حتى أنه أثر ببعض الرواد ليدخلوا هذه المدرسة، واتذكر اني حاورت الراحل الكبير حسب الشيخ جعفر في برنامج سيرة مبدع وسألته عن تجربة القصيدة المدورة فتحدث عنها بوعي عال حيث ذكر انه كتب هذه التجربة في موسكو حيث تتداخل العمارة بمكانها الريفي القرى والانهار والبساتين مع المقاهي الحديثة في موسكو والنساء الجميلات وهذا التداخل في المكان والزمان استصحب تداخلا في الإيقاع في أن يكون جملة ايقاعية واحدة لهذا انتج عددا من المجاميع الشعرية ضمن هذه التجربة ولكن الجميل في الأمر انه غادر هذه التجربة ولم يعد لها، وهو دائما يفتح مناطق للتجريب الحديث في الشعر دون أن يهتم بالتنظير لتجربته فأنتج ديوان كران البور واعمدة سمرقند ورباعيات العزلة الطيبة وتواطؤا مع الزرقة وكل هذه الدواوين تهتم بالتجريب دون صخب
حسب الشيخ جعفر احد اهم الشعراء العرب الكبار الذي غادرنا مؤخرا، ولكني رغم الحزن الذي يلفنا فإننا سعداء في دار الشؤون الثقافية وفي وزارة الثقافة اننا طبعنا اعماله الكاملة طباعة فاخرة تليق به وبتجربته العظيمة، وشكر الزمن انه منحنا قبل رحيله فرصة اللقاء به واهدائه اعماله الكاملة التي فرح بها كثيرا، فالف تحية لروحه والف سلام لشعره الذي سيبقى من أهم شواهدنا الشعري