TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: طائفية أم عشائرية ؟

العمود الثامن: طائفية أم عشائرية ؟

نشر في: 21 إبريل, 2022: 12:34 ص

 علي حسين

عندما تقرأ في الأخبار أن مدينة مثل الشطرة تسيطر عليها بعض العشائر وتفرض قانونها على مؤسسات الدولة وعلى المواطنين. وعندما تسمع أن عشيرة لم يعجبها حكم القضاء بتبرئة مواطن، فقررت أن تعدمه في الشارع أمام أنظار القوات الأمنية التي كانت مهمتها حماية هذا المواطن .

وعندما تشاهد القوات الأمنية عاجزة عن الوقوف بوجه عشائر خارجة على القانون. وعندما تقرر عشيرة أن تقتل ضابطاً كبيراً في الجيش ذنبه الوحيد أنه حاول التوسط لفض نزاع عشائري . فعلينا أن ندرك أن القانون تحول إلى مادة فكاهية يمكنها أن تقدم من على شاشات الفضائيات.. وكنا قبل هذا قد عشنا في هذه البلاد فواصل من الاستعراضات الطائفية والعشائرية قادها مسؤولون كبار.

ويذكر التاريخ القريب جيداً أن هذه العشائر التي تتباهى الآن بأسلحتها الثقيلة كانت تهتف بالروح بالدم للقائد الضرورة، لكنها هذه الايام وجدت في ضعف الدولة طريقاً لابتزاز المواطن المسكين وإرهابه، ومن المضحك أنه بعد 2003 أصرت هذه العشائر على أنها كانت معارضة للنظام السابق، وحصل الكثير من شيوخها على امتيازات ومقاولات.

إن المشهد يبدو مثيراً للدهشة حين يقف البعض وسط البرلمان ليطالب بـ"ضرورة تشريع قانون المجلس الوطني للعشائر لتهذيب الأعراف الطارئة على المجتمع العراقي، ولكي يكتسب ما ينظمه المجلس صبغة قانونية للالتزام بما يصدر عنه في القضاء على العادات والتقاليد السيئة".

الجزء الأكبر من أخبار هذه البلاد مضحك، وكان أشدّها سخريةً هو الخبر الذي صفقت له وزارة المالية والذي يقول إن الناتج المحلي العراقي سيتجاوز قطر والسعودية والإمارات، ولكي تكتمل الفكاهة فقد أخبرنا أصحاب الخبر الغريب أن "العراق سيكون الأعلى أيضا من بين الدول العربية من حيث نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2022"، ولن أحيلكم الى تصريح لوزارة التخطيط يوم 10 من هذا الشهر والذي أكدت فيه، ارتفاع نسبة الفقر في البلاد عام 2022 ، أعرف قليلاً في الاقتصاد ، لكنني أعرف أن الفقراء في العراق لا تشغلهم تقارير البنك الدولي ولا يهتمون لابتسامات وزير المالية، ولا يهمهم تحول هيثم الجبوري إلى آدم سمث العراق، فقررت الدولة أن تستعين به مستشاراً لوضع العراق على قاطرة المستقبل.. وأعتقد أن العراقيين لا يشغلهم كم تبلغ نسبة النمو، ولا تشغلهم بيانات البنك الدولي عن ثمار التنمية، كل ما يشغلهم عجزهم الشخصي عن تلبية احتياجات أسرهم، وأن يملكوا مالاً كي يروا ثمار التنمية في سكن صحي وكهرباء مستقرة ومستقبل آمن لأبنائهم.

ما ينبغي أن نلفت إليه نظر كل المسؤولين في بلاد ما بين النهرين ، هو أن يسألوا أنفسهم لماذا لا تصدقهم الناس؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram