TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: الانسداد ليس هنا.. إنه في مكان آخر

جملة مفيدة: الانسداد ليس هنا.. إنه في مكان آخر

نشر في: 24 إبريل, 2022: 12:38 ص

 عبد المنعم الأعسم

اذا كان الامر يتعلق بمشكلات تشكيل الحكومة فانه ليس جديدا، ولا يصح ان يحاط بالهلع والتبشيع والتهويل، وهو -الى ذلك- ليس جديدا في تجارب تشكيل الحكومات السابقة، ولا نعرف سببا واحدا لما نسمعه من طبول الحرب في حال لم تشكل الحكومة على مقاس هذا التكتل أو ذاك،

فيما الحلول الدستورية كثيرة ومن بينها إعادة الانتخابات، او تمرير اختيار رئيس الجمهورية من فوق شرط نصاب الثلثين، ومنها ايضا اتفاق جنتلمان على اساس لا كاسب ولا خسران، بتصفير نتائج الانتخابات، ومنها اخيرا لعبة الموالاة والمعارضة، حيث يجري نقل الصفقات المريبة الى ما تحت طاولات البرلمان، ونعود الى «اسكت عليّ واسكت عليك» سيئة الصيت.

طبعا لا نتحدث عن توفر حسن النية (أو سوئها) بين اللاعبين، المعنيين، فهذا يحتاج الى معايير تدخل فيها مظنات كثيرة لوسط عُرف بما يسمى بـ”وجه البوكر” الذي لا تفصح ملامح صاحبه عادة عما يضمره من مكائد واسرار، كما لا نتحدث كثيرا عن صحة (وعدم صحة) الانسداد(Asphyxia) من حيث بعده الطبي الذي يعني حالة نقص حاد في امدادات الاوكسجين الى الجسم والذي ينشأ عن اضطراب التنفس، او ارتفاع نسبة ثاني اوكسيد الكاربون في الدم لدرجة يمنع الخلايا من القيام بوظائفها، وكل ذلك ما لا يصلح ان يكون معادلا لحالة الجدل في الساحة السياسية لجهة تشكيل الحكومة، بل انه اخطر واكثر مدعاة للتأمل والقلق، فالانسداد الحقيقي في مكان آخر ليس في “الهات وخذ” الجارية بصدد المناصب والمواقع والامتيازات والضمانات، بل ان الانسداد الحقيقي هو بين كل منظومة الحكم والشارع الممثل بالملايين التي نزلت الى الشوارع واسقطت الحكومة واصحابها، ثم قاطعت الانتخابات (19 مليون ممن يحق له التصويت) ما يمكن القول انه سيتفاقم، انسدادا وخطورة وانفجارا، في حال تشكيل حكومة على مقاس الحكومات السابقة ووفق منهج الجميع في الحكومة ولا معارضة وترويض الشارع باشغاله بالوعود الوردية وتهديده بالعقاب الجماعي وتخويفه من اخطار ملفقة محدقة، ثم تجويعه وإذلاله والمضي في نهب ثرواته.

اقول، ان الانسداد الحقيقي ليس في اقنية تشكيل الحكومة الذي يخضع الى تسويات وصفقات اجاد لاعبو المرحلة صناعتها، والتوصل لها في ربع الساعة الاخير من عض الاصابع، بل هو في قناة الاتصال بالمستقبل.. مستقبل هذه البلاد الذي يبدو محمولا على برميل من الغضب والسخط وعدم الرضا والاسئلة والرفض، المغلق من نقطة تماسه بمنظومة الفساد والنهب والسلاح المنفلت، وينتظر العاقبة..

وما أدراك ما العاقبة.

استدراك:

"ستتعلم الكثير من دروس الحياة إذا لاحظتَ ان رجال اطفاء الحرائق لايكافحون النار بالنار".

شكسبير

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram