شاكر لعيبي
يشير الباحث الألماني إرنست ديتز Ernst Diez إلى أن «الزخرفة العلوية لباب الطلسم في بغداد هي مثال نموذجيّ على الطراز التشخيصيّ التركيّ،
وقد يكون الأكثر اكتمالا من حيث الجودة، طالما أنه نشأ في المناخ الفني لمقر إقامة الخليفة. لكن روحه هو موضوع تمثيل ندركه بشكل أفضل عبر المقارنة مع زخرفة بوابة أخرى في الشرق الأقصى هي بوابة كيو يونغ كوان في الجدار الخارجي لسور الصين العظيم شمال غرب بكين. (Helmolt Weltg الثاني، 164). [باب الطلسم] تم تمثّله في تعويذة جارودا Garuda [الهندية]، ممثل وملك الوحوش الذي يهاجمه إلهان ثعبانان، ناغاز Nagas، عدوّاه الأبديان عن طريق عض قدميه. غالبا ما يرمز اتحاد أنصاف الأرباب هذين إلى السماء والأرض. بلا شك، كان هذا الرسم الرمزي، المنتشر والنموذجي في شمال الهند وشرق آسيا، نقطة البداية للتصوير على باب الطلسم. تحوّلت الثعابين إلى تنانين وأصبح جارودا الذي لم يكن مفهومًا في الشرق الهلنستي الفارسي، إنسانا. إن تفسير سار وفان بيرشيم Sarre et van Berchem لهذا الريلييف [باب الطلسم]، المليء بالكثير من التكهنات اللغوية والتاريخية، [كالقول] مثلا إن صورة الخليفة العباسي الناصر لله تُعتبر صورة المنتصر على «التنينين»: خوارزم شاه محمد والقاتل حسن الصباح، لا تزال، في الأقلّ، اعتباطية على الرغم من التفسيرات المثيرة للإعجاب التي قدّمها فان بيرشم (راجع رحلة سار - هرتسفيلد الأثرية في منطقة دجلة والفرات 1، 34 وما يليها)، وقد تمّ رفضها بالفعل من حيث المبدأ إم. هارتمان M. Hartmann الذي تتبّع، أُقلها، الأصل الحقيقي لهذا التمثيل من خلال الإشارة إلى الثقافة البوذية في آسيا الوسطى (O. L. Z. 1 906, 4). في الحقيقة، فُهِم التنين الصينيّ في شكله [العباسيّ] المزدوج كرمز للين واليانغ المتحدين في وئام تام. كان مالكهم الشرعي الوحيد هو ابن السماء الذي كان عرشه وملابسه وما إلى ذلك مزيّنة بالتنين دائما. تم اعتماد الرمز، على سبيل المثال، من قبل الأمراء المغول، ونقلوه إلى الشرق الأدنى. الأمير الجالس في الوسط - سواء كان عباسيا أو منغوليا - يمثل مالك الرمزين كليهما» (انظر بالألمانية: E. Diez: Die Kunst der islamischen Völker ص124).
تُقدِّم بوابة الجدار الخارجيّ لسور الصين العظيم شمال غرب بكين، للمشاهِد بالفعل ريلييفات تنانين تشابه بشكل مذهل التنين العباسيّ لكن لا مجال للزعم بأنه متأثر بها، ذلك أنها، وتسمّى «التنين ذو الأبناء التسعة»، متأخرة على إنجاز باب الطلسم. كانت عبارة «التنين ذي الأبناء التسعة» موجودة في عهد أسرة مينج dynastie Ming التي امتدت بين سنة 1368م إلى سنة 1644م. لذلك فإن من المنطقي الاعتقاد بإن نماذج من التنين الصينيّ قد وصلت إلى السلاجقة (ولاحقا إلى الإيلخانيين بين 1256 إلى 1335م) ثم العباسيين، أو وصلت بشكل خاص ودون وساطة عبر حاجيات وفنون أسرة تانغ Tang dynasty الممتدة بين السنوات 618–907م. ومنها نموذج تنين مرسوم على قفا مرآة من القرن الثامن الميلادي.
التنين العباسي يمتاز، إضافة إلى دقة تنفيذه وحيويته، بوجود جناح يُقاربه من الحيوانات الخرافية المجنّحة المعروفة في عصر العباسيين.
