 ميسان/ مهدي الساعدي

تصطف الاكشاك المتحركة على كورنيش احد فروع دجلة والوقت يدنو رويدا من الغروب لتنشط حركتها من خلال استعداد اصحابها وتجهيز حاجياتهم فلم يتبق لوقت الافطار الا قليلا وبدأت الاضواء بعد احمرار قرص الشمس تنير المكان على شارع كورنيش السراي والصمت يطبق على المكان في مدينة العمارة.

شارع كورنيش السراي احد اقدم شوارع مدينة العمارة يعج بالمقاهي المتتقلة على عربات او اكشاك متحركة تعرض مشروباتها الساخنة والباردة بالاضافة الى مأكولاتها بشكل جميل وتحمل مع عرباتها الفرش الشعبية ليجلس عليها مرتادو ذلك الشارع ليكون مميزا بجلساته العربية كما ثبتت تلك العربات مشروبات ساخنة تدخل المدينة لأول مرة ذات الوان متنوعة.

يقول كرار صاحب الـ30 عاما وهو صاحب احدى تلك العربات لـ(المدى) "ابدأ عملي عصر كل يوم بنقل العربة من المرآب الذي اضعها فيه واقوم باعداد وتحضير المشروبات الساخنة وعندما يحين الافطار افطر على ما جلبته معي من البيت ليبدأ بعدها عملي وعلى هذه الشاكلة اعتدت وبشكل يومي خلال شهر رمضان".

احدى مفارقات الشارع انه يبدو شارعا طبيعيا جدا في النهار حيث لا وجود لأكشاك او عربات متنقلة وفي الليل تضفي المقاهي المتنقلة واصحاب العصائر والمطاعم ثوبا آخر عليه وكأنه شارع يصحو بعد غروب الشمس ويعاود سباته بعد شروقها.

يواصل كرار حديثه عن اعداد مشروباته الساخنة التي تلاقي اقبالا عليها خصوصا بعد الافطار "اقوم بتحضير العديد من المشروبات الساخنة منها القهوة الحلوة والحامض والقرفة والزنجبيل اضافة الى مشروبات اخرى تدخل لأول مرة الى المدينة وتصلني من تركيا منها شراب المنجا والتوت والنعناع".

الالوان المتنوعة للاشربة الساخنة التي تلوح من خلال الاباريق الشفافة اضافت لعربة كرار شيئا مميزا.

على مقربة من كرار يقف علي شاب يتوسط عقده الثاني من العمر هندم نفسه بطريقه تعجب مرتادي الشارع وهو يقف امام عربة لتقديم العصائر يقول لـ(المدى) "نقدم العصائر الطبيعية والطازجة لمرتادي الشارع فالكثير يقبل عليها وقبيل السحر ننهي كل اعمالنا تقريبا ونعيد العربات الى اماكنها ونقوم بتقديم عصير البرتقال والشمام وغيرها من العصائر الطازجة". والحال نفسه لأصحاب اكشاك وعربات الاكلات السريعة.

تنوعت اعمار الجالسين على شارع الكورنيش بين الشباب والكهول وحتى الشيوخ واغلبهم يفضل الجلسة العربية بينما فضل الاخرون المشي تحت اضواء الشارع الذي يحمل عبقا تاريخيا من ارث المدينة. "السراي منطقة تعود الى اصول تواجد القوات العثمانية في المحافظة وجاءت تسميتها نسبة لسراي الحكومة العثمانية في العمارة آنذاك وبقي شارعها طبيعيا لا يشهد حركة كثيفة لقربه من مقرات حكومية ابان حكم ما قبل 2003 تم افتتاح الشارع قبل سنتين ليكون واحدا من اجمل شوارع المدينة". يقول المدون والمهتم بالشأن التاريخي علي العادلي لـ(المدى). يقوم كرار باخراج الافرشة العربية وفرشها ووضع بعض الوسائد عليها وهو يقول "نجلب معنا الفرش العربية لسببين الاول خفة حملها وسهولة جلبها والثاني يفضلها الكثير من مرتادي الشارع على الكراسي وبهذا الشكل اضافت لمسة مميزة للشارع".

وفضل آخرون الجلسات الرسمية الشعبية. تمارس عدة مجموعات من الشباب لعبة المحيبس الفولكلورية كما يعمد آخرون الى اخراج ما في جعبتهم من فرش وتهيئة جو خاص بهم وسط ممارسة العديد من الباعة المتجولين عملهم كما ينشط اصحاب الاراجيل في إعدادها بنكهات متنوعة.

وتنشط حركة الشارع بعد الافطار لتقل تدريجيا عند حلول وقت السحور مؤذنا بأفول يوم آخر من عمر ايام كورنيش السراي، يقول كرار "عند اقتراب الوقت من السحور وملاحظة قلة حركة الناس اقوم بجمع وتنظيف كل الحاجيات واللوازم ومنها الفرش الشعبية للتوجه الى المرآب من جديد".