اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن:عذرا محمد مكية

العمود الثامن:عذرا محمد مكية

نشر في: 26 إبريل, 2022: 11:33 م

 علي حسين

لم يخطر ببالي يوماً أنني سوف أكتب عن المعماري الكبير محمد مكية، ليس لأنني لا أعرف قيمة الرجل ومكانته، بل لأنني أعتقد أن هذه المساحة الصغيرة التي وفرتها لي (المدى)، لا يمكن لها أن توفيَ شخصاً بمكانة ومنجز الراحل محمد مكية حقه، فالرجل الذي أصر على أن يكون وجه بغداد الناطق القسمات، الأكثر اجتهاداً في رسم ملامح هذه المدينة المحببة إلى القلب، يستحق مساحة للكتابة بحجم عشقنا لبغداد.

منذ أن عاد محمد مكية إلى بغداد عام 1946 من زمالة دراسية في بريطانيا قرر أن يفعل شيئاً عظيماً لبغداد، رافعا شعار فلندعها تزدهر، كان محمد مكية ومعه رفعت الجادرجي وجواد سليم ويوسف العاني والجواهري وعلي الوردي والقبانجي ومعهم العشرات يملؤون بغداد ومدن العراق، بحضورهم وصخبهم .

قبل وفاته وجه محمد مكية رسالته الى العراقيين جميعا قال فيها "أوصيكم ببغداد": حيث يطلب منا هذا العراقي النبيل أن "استمعوا إليها.. أصغوا إلى صوتها كثيراً.. ستكتشفونه في حركة الشجر والنخيل.. في دفق ماء النهر.. في الضحكات الصافية.. تأملوا لونها.. تجدونه في الطابوق.. في الخشب.. في زرقة الماء.. في سمرة الأهل".

تصدر محمد مكية ورفاقه بجدارة حقبة جميلة غنية عاشتها بغداد في الخمسينيات، وعاشها العراق حتى بداية الستينيات. أعذب علاماتها كان صوت عفيفة اسكندر وناظم الغزالي، وأبرز ملامحها جدارية جواد سليم، ومعمار مكية والجادرجي، وأرق صفحاتها قصائد نازك والسياب واعذب الحانها صوت ناظم الغزالي وعفيفة اسكندر .

اليوم ونحن نقرأ في الأخبار وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عن المزاد الذي بيعت فيه مقتنيات اثنين من رواد العمارة العراقية الحديثة وهما محمد مكية وسعيد علي مظلوم واللذين لا تزال أعمالهما المعمارية تزين بغداد وتتنفس حباً للعراق وعشقاً لبغداد التي يسميها محمد مكية جوهرة العصور

سيقول البعض كان على الدولة العراقية ان تتدخل لشراء هذه المقتنيات، ولكن ياسادة انا وانتم نعرف جيدا ما الذي يشغل الدولة العراقية الحديث ، يشغلها الحفاظ على راحة وسلامة الساسة " الافاضل " فقط لا غير . ولهذا كنت اتمنى على السيد كنعان مكية لو انه سعى جاهداً لتأسيس متحف أو مكتبة تضم مقتنيات والده الراحل الكبير ، لكن للاسف السيد كنعان قرر أن يعرض مقتنيات والده في المزاد وحجته ان المسؤولين العراقيين لم يبادروا لشراء المكتبة عام 2016. بينما كان الراحل الكبير محمد مكية يعتبر المكتبة ومقتنياته ملكاً للعراق وكان يرجو إهداءها إلى إحدى الجامعات.

قبل اسابيع شاهدت تقريرا عن متحف نجيب محفوظ الذي افتتح قبل اعوام وقد تبرعت ابنته بأمتعته الشخصية ومكتبته وجوائزه للدولة . ولم تُعلن ابنة صاحب نوبل انها بحاجة الى ملايين من الدولارات حتى تضم القاهرة تراث والدها!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram