حازم مبيضين ليس سراً أن المفاوض الفلسطيني مستعد للعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة، شريطة تحقق تقدم في موضوعي الأمن والحدود في المحادثات التي تتم حالياً بطريقة غير مباشرة وبرعاية المبعوث الأميركي، وليس سراً أن تبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن تعثر جهود السلام بين المتفاوضين من الجانبين يدخل في باب التفاوض، والمهم هو التقدم في القضايا الأساسية التي قدمها الجانب الفلسطيني للإدارة الأميركية،
قبل انقضاء فترة الأربعة أشهر التي حددتها الجامعة العربية لإنجاز تقدم ملموس بعد كل المناورات التي ابتدعتها عقلية حكومة نتنياهو لعرقلة التوصل إلى سلام شامل بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض المحتلة منذ العام 1967.وقف الاستيطان سيظل شرطاً أساسياً لعودة المتفاوضين إلى الجلوس معاً للبت في القضايا التي كانت بحثت وتم الاتفاق عليها مع حكومة أولمرت وهي الحدود والأمن، ويستوجب ذلك أن تحدد الدولة العبرية موقفها من تلك الاتفاقات وهل تكون العودة للتفاوض استكمالاً لها، أم أن حكومة نتنياهو ترغب في العودة إلى المربع الأول، وهل يقبل اليمين الإسرائيلي الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين وحدود 1967 كأساس لحل الدولتين، وهو واحد من ثلاثة خيارات ثانيها دولة واحدة تضم اليهود والفلسطينيين، وآخرها الاستمرار في السياسات العنصرية في الأراضي المحتلة. وليس مهماً هنا مصادقة الليكود على الاستيطان بعد انتهاء التجميد المؤقت، فالمهم ليس التشدق بهذا الإعلان وإنما ما يجري على الأرض. إسرائيل تعلن رغبتها في العودة للمفاوضات المباشرة، وتعتبر أن جهود المبعوث الأميركي جورج ميتشل تحرز تقدما، وتقول إنها تأمل في محادثات حقيقية تسفر عنها اللقاءات غير المباشرة في الأسابيع المقبلة بغض النظر عن التوصل إلى اتفاق كامل على المسائل المعلقة مثل القدس واللاجئين والحدود النهائية، ومعنى ذلك أن المفاوضات مطلوبة لذاتها، وليس للتوصل إلى نتائج إيجابية يأمل الجانب الفلسطيني أن تسفر عنها، لان المفاوضات بالنسبة إليه ليست هدفاً يستحق العناء، وهي ليست أكثر من وسيلة للوصول إلى حلول للمسائل العالقة بين الطرفين، والفلسطينيون حين يعلنون استعدادهم للعودة إلى طاولة التفاوض المباشر لا يعبرون عن شوقهم لملاقاة المفاوضين الإسرائيليين بقدر ما يعبرون عن التزامهم بالسلام باعتباره هدفاً استراتيجياً تتوق لتحقيقه كل شعوب المنطقة.كلما ماطلت حكومة نتنياهو في تلبية حقوق الفلسطينيين يبتعد أمل السلام، ويقترب شبح الحرب المدمرة، وطالما تعتبر الدولة العبرية أن التفاوض هو الهدف بحد ذاته فانها تمنح المتطرفين فرصاً ذهبية لإشعال أتون الحرب التي لن يتوقف شررها عند الفلسطينيين والعرب واليهود، وإنما سيصيب الكثير من دول العالم، وهذا ما يوجب على المجتمع الدولي التحرك بجدية لإجبار المتطرفين على التخلي عن أطماعهم والتعاطي مع موضوع السلام بما يستحقه من جهد لانه أمر يعني العالم كله ولا تتوقف نتائج الابتعاد عن تحقيقه عند هضم حقوق الفلسطينيين، وعلى المجتمع الدولي أن يتذكر أن كل التنظيمات الإرهابية المتطرفة رفعت اسم فلسطين كقميص عثمان واعتبرت واجباً عليها إقلاق العالم دفاعاً عن الفلسطينيين ولرفع الظلم عنهم.
خارج الحدود: الهدف من المفاوضات
نشر في: 29 يونيو, 2010: 06:26 م