TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الفقـــــر والتطــــــرف

الفقـــــر والتطــــــرف

نشر في: 30 يونيو, 2010: 04:49 م

فريدة النقاش(الفقر أخطر من القاعدة) هكذا صرح (كابا ليري) مندوب منظمة (اليونسيف) في اليمن، الذي أضاف أن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر ارتفعت من 35% عام 2005 - 2006 إلي نحو 43% من السكان، ويعيش 65% من أطفال اليمن في حالة فقر مدقع في بلد أكثر من نصف سكانه دون 18 سنة، وهناك 12 مليون طفل
 يعيشون في أوضاع مزرية ويتزايد عدد الأطفال المجندين بسبب الحروب المتوالية، وتتلقى أربع فتيات فقط من كل عشر تعليما ابتدائيا، وهي جميعا مؤشرات تدل على مدى تدهور الحال الذي يفتح بابا للتطرف والأصولية يدخل فيه البشر من باب اليأس والعتمة وغموض المستقبل.وللربط بين القاعدة والفقر أسباب موضوعية، وذلك أن (القاعدة) تعتمد في تمويلها علي أموال النفط الهائلة وتجارة المخدرات بعد أن تولت منظمة (طالبان) زراعتها في مناطق شاسعة من أفغانستان، وهي تستطيع بما لديها من أموال أن تدفع لهؤلاء الأطفال وأسرهم ولذلك يزداد عدد المجندين منهم.. وكانت هناك دائما علاقات وثيقة بين (طالبان) و(القاعدة) منذ رعت المخابرات الأمريكية والسعودية نشوئها لمكافحة الشيوعية في أفغانستان.ويولد الفقر كلا من الجهل والمرض، ويصبح الجهل أرضية خصبة لانتشار الخرافة والرؤى المشوهة للدين التي تتضمن احتقار المرأة وعزلها ومنعها من التعليم والعمل، وبناء مجتمع ذكوري خالص سواء في الفضاء العام أو في مناطق القتال في الجبال حيث يعيش أمراء الحرب ويراكمون المال والسلاح من تجارة المخدرات سواء لطالبان أو للقاعدة وهما تنهلان من نبع أيديولوجي أصولي واحد.وفي هذا المناخ الاجتماعي الكئيب وبيئة الحرب الدائمة واستدعاء الدين كمرجعية لكل من (طالبان) و(القاعدة) ومع التصورات والتأويلات الضيقة والقراءات الحرفية للنص الديني يصبح العالم صغيرا وضيقا، ويتحول الصراع ضد الاستعمار إلى صراع ديني بين الإسلام والمسيحية تؤججه روح الانتقام لا رؤى التحرر والعدالة ويجر المجتمعات للوراء.وتتعرض حركة التحرر ضد الاستعمار الأمريكي والعالمي للتشوه، لأنها تتراجع أمام نفوذ وأموال تجار الديانات، وتتزايد العقبات أمام دعاة الحداثة والديمقراطية في المجتمعات التي ما تزال علامات ما قبل الرأسمالية متأصلة فيها، وتتغذى عليها العلاقات القبلية والعشائرية والأسرية وكل الروابط القديمة التي تشد الإنسان إلى الماضي وتغلق في وجهه باب المستقبل، وتملي عليه الإجابات الجاهزة بينما تحرم تماما طرح الأسئلة، وإذا ما ارتبط ذلك كله بالأموال الطائلة التي تتوفر عليها منظمة القاعدة اتضحت لنا الروابط الموضوعية بين الفقر والتطرف.ونتذكر في هذا الصدد أن الأنبا المصري (مكسيموس) قال إن الصعيد في مصر مازال بيئة صالحة للإرهاب، وتقول لنا الوقائع المتكررة عن الصعيد الذي يتفشى فيه الفقر بصورة واسعة إن الكثير من الحركات الأصولية المتطرفة التي حملت السلاح ضد الدولة والمجتمع قد نشأت هناك.خرجت (القاعدة) جزئيا من أفغانستان لتنقل نشاطها إلى بعض مواقع الفقر والحروب الأهلية وبخاصة في دولة (اليمن) التي يتوفر فيها العاملان.ويقول المحلل الأمريكي ريتشارد باريت (ربما تكون مليارات الدولارات التي تدفقت على أفغانستان في السنوات القليلة الماضية قد قضت على (القاعدة) لكنها أدت إلى إفساد البلاد على نحو حاد، وربما تقضي الأموال التي تتدفق الآن على (اليمن) لمحاربة القاعدة لا إلى الارتقاء بمستوي المعيشة وتعليم الأطفال وإطعامهم وإنما أيضاً إلى زيادة الفساد غير المسبوق في البلاد وهو ما حدث في أفغانستان.وهكذا تتفاقم حالة الفقر واليأس، وتدخل البلاد في النفق المظلم إن لم تكن قد دخلته فعلا، وحتى إذا خرجت القاعدة من اليمن ستكون آثارها التدميرية قد تجذرت، وتحتاج مقاومة هذه الآثار والتخلص منها إلى جهود سياسية وفكرية وثقافة متناغمة تطرح بشجاعة مشروعا للنهوض حداثيا وعلمانيا قائما على العدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد، ومن حسن حظ اليمن أن به قاعدة واسعة من المثقفين الديمقراطيين ومن الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الذي سيكون التنسيق فيما بينها لبناء مثل هذا المشروع عملا لا غنى عنه لإنقاذ البلاد من التطرف والفقر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram