إياد الصالحي
قبل أربع سنوات من احتفائهِ بالذكرى المئوية من تاريخ تأسيسه، يجمع الاتحاد الدولي للصحفيين أكثر من 300 شخصية بارزة في المجال المهني ضمن مؤتمر "الكونغرس 31" الذي يقام في العاصمة العُمانية مسقط، للفترة من 31 أيار إلى 3 حزيران 2022، بضيافة جمعية الصحفيين العُمانية، التي أظهرتْ أنشطة عديدة للساحة الخليجية والعربية والقارية بتمثيل نُخبة من رجالات الصحافة تركوا بصمات مؤثرة في مشاهد الإعلام والرياضة وغيرها من القطّاعات الفاعلة في المجتمع.
ويُراهن أكثر من عشرة ملايين مُنتسب للاتحاد الدولي للصحفيين على الكونغرس 31 لتحمّل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية والمهنية في التعبير عن هموم شريحة واسعة من أبناء السُلطة الرابعة، ويأخذوا بعين الاعتبار ضمن مقرّرات ووصايا اجتماعاتهم التداولية في مسقط وضع معالجات حاسمة تحمي الصحفي من التهديد والتنكيل أثناء أداء واجبه، علاوة على تهميش حقوقه ومحاولة تضييق حرّيته، ومنعه من الحصول على المعلومة بمبرّرات حكومية وغير حكومية تنأى عن كشف الحقيقة خوفاً من ردّة فعل الشارع.
الصحافة تنهض من مسقط، شعار جميع الصحفيين الذين يروا في "كونغرس" أيار العام الحالي فرصة لتوحيد كلمتهم وسط ظروف بالغة التعقيد تعيشها القارّات الست بمختلف مستوياتها الرائدة في المهنة والمُسايرة للحداثة والنائمة بأساليبها البالية، الجميع يشعر بالقلق لما تعانيه الصحافة من أزمات مادية رمت بآلاف الزملاء وأسرهم على قارعة المجهول المؤدّي الى الهلاك المعيشي بسبب أغلاق مؤسّسات عريقة لم تؤمِّن موارد مطبوعاتها وتكاليف إدامة نشاطاتها وأجور العاملين فيها، ما أدّى الى خسارتين موجعتين، أولاً إنهاء الدور الرقابي للصحيفة، وثانياً قتل طموح الصحفي وإشغاله بأعمال خارج مهنتهِ لسدِّ رمق أولاده.
عضوا مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية الدكتور محمد العريمي بصفته رئيسها، وسالم الجهوري نائبه، يدركان أهمية انعقاد المؤتمر العالمي على أرض مدينة مسقط الساحرة بجمال هيمنة جبال الحجر الشرقي الصخرية على صورتها قبّالة بحر عمان، فهناك صخور من الهموم لم يتمكّن الصحفيون العاملون ضمن منطقة الشرق الأوسط من إزاحتها عن قلوبهم وظهورهم طوال العقود الماضية بسبب سياسات الأنظمة الحاكمة تارة وعدم جدوى قوانين بعض نقاباتهم الوطنية تارة أخرى للارتقاء بواقعهم والإطمئنان على مستقبلهم وحماية أنفسهم من الغدر والسجن والموت مثل عشرات الزملاء الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل حريّة كلماتهم النابضة بأوجاع شعوبهم والباكية على مصائرهم!
جمعية الصحفيين العُمانية، المُضيّفة للكونغرس، مطالبة بإعداد ورقة مقترحات تتناغم مع قيادات صحفية معنية بمصلحة الصحافة في بلدانها التي تعاني عدم الاستقرار، وتستنبط خلاصاتها من مشكلات الصحفيين وتُطرَح على قادة الطاولة لدراستها وترقّب قرارات رادِعة تُعلن المباشرة بتطويع أدوات نافذة دولياً لانتزاع الحقوق عبر منظّمات ومؤسّسات عالمية تستردُّ هيبة الصحافة وتنتشلها من الاِندثار، وتبقي حيويّتها مقاوِمة لحملات التدمير الأخلاقي لأسس الرسالة الإعلامية التي تتبنّاها بعض منصّات مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك وتويتر وإنستغرام و.. غيرها) بتشجيع من بعض روّاد الصحافة الذين استهوتهم أعداد (لايكات) الإعجاب أو الموافقة، فاستسلموا لنشوة غرورهم وتناسوا واجباتهم في توعية الجيل الجديد عن مكانة الصحافة وأهمية ديمومتها ودعمها والمحافظة على مؤسّسيها وممارسيها من رموزٍ وشباب لكلا الجنسين، وعدم أغراقهم باليأس برغم طوفان المعلومات بلمسة واحدة على اللوح الإلكتروني أو الهاتف النقال الذي تشير آخر إحصائية حكومية عن عدد المشتركين بخطوطه في العراق 39.3 مليون مشترك خلال عام 2020.
الزملاء في عُمان جديرون بالثقة لإخراج الكونغرس بتميّز مُبهر على الصعيد التنظيمي والمهني لما تمتلكه جمعيّتهم من خبرة كبيرة في إدارة هكذا تجمّع دولي ربّما الاستثناء فيه هذه المرّة أنه يتزامن مع إنتهاء موجات تهديد فيروس كورونا الذي تفشّى واِنحسر بغموض محيّر! ليعاود الصحفيون رسم خارطة أعمالهم للسنين المقبلة بتكاتفٍ أقوى ممّا مضى وتعاهدٍ بإرادات راسخة على إحياء الصحافة وتحصينها من قيود الرقابة والهجوم الرقمي!