اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حميد البصري ورحلة الحنين

العمود الثامن: حميد البصري ورحلة الحنين

نشر في: 7 مايو, 2022: 11:43 م

 علي حسين

قبل حوالي أربع سنوات شاهدنا عبر الفضائيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومعه الحكومة الفرنسية بأكملها، وكذلك الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، على رأس عدد كبير من المشيعين الذين ساروا وراء جنازة المطرب الفرنسي شارل أزنافور..

ولأنني مواطن "غشيم" وعلى نياتي، كنت أتصور أن الدولة، والتي غنى لها حميد البصرة اجمل الالحان ستعزي برحيل فنان بحجم حميد البصري، الذي غادرنا في بلاد الغربة يئنّ على بلاد تُنكر أبناءها. لكن يبدو أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فغاب حميد البصري أيضا عن اهتمامات المؤسسات الثقافية العراقية، فالجميع ربما يعتقد أن حميد البصري مواطن من بلاد "الواق واق".

يأخذنا حميد البصري، في أعماله الفنية وكتاباته ومواقفه النضالية، للغوص معه في مرحلة مهمة من تاريخنا السياسي والثقافي، بدأت في واحدة من أجمل مدن العراق، البصرة عام 1935، ومرت بمحطات كان فيها الفنان والمثقف والمناضل حميد البصري مصرّاً على أن الفن موقف من الحياة والمجتمع والإنسان، وبسبب مواقفه عانى من التشرد بين مدن العالم من اليمن إلى بيروت ثم إلى سوريا لتنتهي المحطة في هولندا. في سيرة حميد البصري نحن أمام شخصية تشبه إنساناً قادماً من زمن مختلف، يخشى على بلاده التي غادرها مجبراً بعد تجربة مريرة مع المطاردة والغربة، ويخفي خشيته بنوبات من الحنين والأسى أحياناً، على زمن جعل من العراق مجرد ذكرى لحلم يريد له البعض أن يمرّ سريعاً.

كان حميد البصري مغرماً بما يقدمه، سواء في الموسيقى، أو الكتابة أو المواقف الحياتية، يعتقد أن الفن والثقافة سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، وإنساناً يبذر الخير لمجتمعه .

يكتب الكولومبي غارسيا ماركيز: إن المتفردين لا يرحلون كأفراد.. يرحلون، كمرحلة بصموا على بدايتها وصار رحيلهم خاتمتها. بدأ حميد البصري يغني للفرح والأمل والعشق وفرحة الطيور التي لم يسمح لها بأن تعود إلى أعشاشها، وانتهى بعذابات الغربة .

رحل حميد البصري غريباً، وقبل "20" عاماً رحل كاتب أغنية "ياعشكنا" كاظم الرويعي غريباً في عمان، وقبل تسعة أعوام مات فؤاد سالم مهملاً في أحد مستشفيات دمشق.. وكانوا جميعاً، يحلمون أن العمر سيضيع في بلادهم التي عشقوها حتى النفس الأخير: "يا عشكنه فرحة الطير اليرد لعشوشه عصاري".

نستذكر زمن حميد البصري ونتأسى عليه ، لان الحاضر الذي نعيشه يحيط به الخراب ، بلا لون ولا طعم ، ونبحث عن الذين صنعوا لنا الفرح ، لان الذين نعيش معهم اليوم لا يجلبون لنا سوى الهم والغم ومفردات الانسداد والانبطاح . ونتمنى ان نُصبح دولة سوية تكرم الذين يستحقون التكريم ، ولا تنشغل بالبحث عن منصب للشيخ علي حاتم السليمان . .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram