TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عجاج العشائر وغبار المستقلين

العمود الثامن: عجاج العشائر وغبار المستقلين

نشر في: 9 مايو, 2022: 12:40 ص

 علي حسين

قال لي أحد الزملاء هل أنت متفائل بالنواب المستقلين؟ قلت له أنا "متشائل" على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أجد نفسي في حيرة وأنا أراقب الوعود التي أطلقها النواب المستقلون أثناء الانتخابات،

وكيف أن البعض راهن عليهم، لكن للأسف اكتشفت الناس أن شعارات محاربة الفساد، والقضاء على المحاصصة، ودولة المؤسسات والرفاهية ، تحولت كلها إلى صفقات وجلسات سمر واستبدل التكتك بسيارات رباعية وحمايات، وممارسة حالة من النصب السياسي العلني، ليكتشف المواطن أنه تورط في كذبة اسمها المستقلون، لأن السادة النواب حولوا شعاراتهم إلى أرباح وعوائد وفوائد، وستفاجأ عزيزي القارئ بأن ما صرف على برلماننا "الأعرج" خلال الأشهر الأربعة الماضية بلغ أكثر من ثمانين مليار دولار رواتب فقط، عدا المصاريف، والحمايات، والإيفادات، وجولات السيد الحلبوسي ومسامرات حاكم الزاملي، الذي قرر أن يصبح هو الجهة التنفيذية والتشريعة، ولا ننسى بدلة علاء الركابي العسكرية وولائم حسين عرب

انتبه للرقم الذي ربما يتجاوز المئة مليار دينار بعد ان يُضاف له المصاريف .. ترى ماذا لو استخدم هذا المبلغ لبناء مجمع سكني لمواطنين يسكنون في بيوت من التنك . اليس هذا واعز وابقى عند الله والوطن .

للاسف بعد تسعة عشر عاماً من الهوان، لم يعد ثمّة من يجادل في أن للبرلمان طريق مفروش بالامتيازات والجكسارات، وللناس المغلوبين على أمرهم طرق مليئة بالغبار وعجاج العشائر.

منذ أيام والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والإصلاح، ويحذروننا من " الانسداد ، وغضب السماء على هذا الشعب الذي يتبطر على نعمة الديمقراطية ، لكن المواطن المبتلي بقاذفات العشائر ، وغياب العدالة يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال تسعة عشر عاماً عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير وإصلاح واضيف لها انسداد ، بل إنقاذ العراق، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله النواب المستقلون، وكنتُ مراهنا نفسي على أنّهم سيعيدون للبرلمان مكانته التي يجب أن يأخذها، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.

شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائل" جانباً وأتمنى على الذين اكتشفوا ان هذا الشعب مذنب وكافر ويجب ان يعاقب بالعجاج ، ان يسعوا جادين لافساح المجال لتكنوقراط بوزن ابو علي الشيباني لياخذ مكانه في البرلمان الى جانب حنان الفتلاوي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram