TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حزب المنتفعين

العمود الثامن: حزب المنتفعين

نشر في: 9 مايو, 2022: 11:48 م

 علي حسين

في بلاد الرافدين حزب من المنتفعين يضم عدداً من السياسيين والمسؤولين الكبار ممن إذا أصابت الناس مصيبة لاذوا بالصمت الذي هو في عرفهم أبغض الحلال. ومن المفارقات العجيبة في العراق -بلد العجائب- أننا لا نجد مسؤولاً واحداً يعترف للناس ويقول "تعالوا ياجماعة حاسبونا"

بعد أن أصبحت خطط التنمية والحرية والرفاهية والخدمات مجرد حبر على ورق، ومن المفارقات ايضا أننا لا نجد سياسياً في هذه البلاد يلتزم بقضايا المجتمع ويدافع عن قضايا الناس قدر التزامه بالدفاع عن كتلته السياسية ومصالحه الشخصية ومستقبله ومستقبل أقاربه وأحبابه. يتحدثون في السياسة ويؤسسون لتكتلات جديدة ولا نسمع منهم صوتاً واحداً يدافع عن المقهورين ويستمع لشكواهم..غرق الآلاف من الشباب في بطالة قاتلة وانتشرت المخدرات وسيطرت العشائر على مقدرات البلاد، ونهبت ميزانيات بعشرات المليارات من دون أن يظهر مسؤول عن هذه المأساة.. وقُتل مئات الشباب كان ذنبهم الوحيد أنهم توهموا أن الديمقراطية العراقية التي يتغنى بها الجميع سوف تحميهم. نسمع، كل يوم، تصريحات عن مئات الاّلاف من فرص العمل التي لا تجد لها صدى في الواقع، وطالت نسبة الفقر طبقات كثيرة من المجتمع فتحول البعض إلى طبقة معدمة لا تجد ما يسد حاجتها من ضرورات الحياة، وحزب المنتفعين منشغل باحتكار المناصب وتوزيع عطاياه على المقربين منه.. يحاصرنا الخراب فيخرج أحد المنتفعين ليقول: إن العراقيين يتنعمون بخيارات الديمقراطية والحرية، يأبى حزب المنتفعين أن يخرج عن انتهازيته .. لا أحد يريد أن يتحمل المسؤولية وعلى المواطن أن يدفع ثمن تهوره وذهابه الى مراكز الانتخابات . لا أمل في الإصلاح ما لم يحاسب المنتفعين عن الخراب الذي عم بالبلاد ، وان يؤمن المواطن ان حياته ومستقبل عائلته اثمن واهم من أي سياسي.

على الناس جميعا ان تدرك جيداً أن ساستنا الأفاضل أبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو"الصراع على السلطة "، ففي كل يوم يصحو العراقيون على سؤال جديد: هل الحديث اليومي عن الانسداد وتقاسم السلطة يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من السياسيين؟، فبدلاً من أن يكون سعي الساسة إلى أن يكون العراق تاريخاً من الاستقرار والازدهار، تحول على أيديهم إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة في الحكم، مرة في الحديث عن أخطاء الدستور ومرة في الحديث عن المؤامرات الوهمية ، ومرات عدة في السعي إلى تغييب كل صوت وطني .

وسأذكّر حزب المنتفعين، وأكثرهم ينتمون لأحزاب دينية، بما قاله الإمام علي بن أبي طالب (ع) حين قدم إلى الكوفة لممارسة مهامه خليفة للمسلمين: يا أهل الكوفة هذا رحلي، وهذه أسمالي، جئت بها من أهلي فإن عدت بغيرها حاسبوني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram