اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مجلس قيادة العشائر!!

العمود الثامن: مجلس قيادة العشائر!!

نشر في: 10 مايو, 2022: 11:32 م

 علي حسين

لا أفهم كيف لنائب يصر على أن يصور للناس أن البلاد تنتظر أن يشكل مجلس أعلى للقبائل والعشائر مهمته القضاء على العادات والتقاليد السيئة.. بينما الناس لا تشكو من انحلال أخلاقي، وإنما تعاني من مظاهر اللصوصية والقتل على الهوية واحتقار المرأة والرشوة وسرقة المال العام والانتهازية وهي قيم وتقاليد يسعى البعض لترسيخها بقوة.

إن المشهد يبدو مثيراً للدهشة حين يطالب بعض النواب بـ : "ضرورة تشريع قانون المجلس الوطني للعشائر لتهذيب الأعراف الطارئة على المجتمع العراقي، ولكي يكتسب ما ينظمه المجلس صبغة قانونية للالتزام بما يصدر عنه في القضاء على العادات والتقاليد السيئة".

لعل هذا الاستغراق في الحديث عن الأخلاق والأعراف يشعرك وكأن العراق تأسس عام 2003، وأن السادة النواب كان لهم الفضل باكتشاف هذه الرقعة الجغرافية التي وجدوا على سطحها أقواماً وقبائل متوحشة، كانوا ينتظرون أن يأتي إليهم الفاتحون الجدد بكل أسباب الرقي والتحضر، ولعل حديثاً من هذا النوع في عصر المنجزات العلمية الكبرى يهين عقلية العراقيين، ويسيء إلى العراق في الوقت ذاته، ذلك أنه يحمل اعترافاً ضمنياً بأن هذه البلاد لم تهضم الحضارة برغم مرور آلاف السنين على بزوغ القوانين والكتابة على سطحها.

وأحسب أن مطلقي هذه التصريحات الكوميدية يدركون أن قيم هذا المجتمع ظلت راسخة في أعماق الناس، حتى خرج عليهم أمراء الطوائف وصبيان السياسة فانقلب الحال وأصبحنا نسمع دعوات لاعلاء مفاهيم العشائر بالثأر و" الكوامة " وانتشار السلاح المنفلت ، ومعارك القاذفات والرمانات ، في ظل غياب كامل للقانون الرادع لمثل هذه السلوكيات وصراع سياسي على المناصب والمنافع .

لقد كان المالكي صاحب الريادة في إشاعة الروح القبلية، ولعل الذاكرة ما زالت تحتفظ له بالصورة الشهيرة وهو يوزع المسدسات الفاخرة على البعض من رؤساء العشائر، يدعوهم فيها لفرض القانون على طريقتهم الخاصة، وترهيب كل من تسول له نفسه التفكير في الخروج على مشروع دولة القانون أو الاقتراب من أسوار الحكومة.

المشكلة ان الكثير من النواب والسياسيين لايعرف من الوطن إلا قبيلته، وهو مخلص لها إخلاصاً لا يمكن لأي قضية أخرى أن تتجاوزه. فنحن نعيش في ظل نواب منتخبين لكنهم يدينون بالولاء لطوائفهم وقبائلهم قبل أن يدينوا بهذا الولاء للشعب والوطن، قد يقول البعض إن هذا من حقهم ونقول أيضا هذا حقهم بشرط أن يتركوا السياسة وينصرفوا إلى مشاريعهم الخاصة.

والمدهش أن البعض يريد إقناع الناس بأن القبيلة يمكن أن تكون بديلاً لدولة المؤسسات، ناسين أنهم بمحاولتهم هذه إنما يريدون أن يطرحوا في أسواق السياسة نظام فاشل من أجل تدمير البلد الذي يعيش هذه الأيام على فوهة الخطر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram