TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: رجم خشان وقانون الحلبوسي

العمود الثامن: رجم خشان وقانون الحلبوسي

نشر في: 12 مايو, 2022: 12:08 ص

 علي حسين

في شتاء العام 2017 أخبرنا النائب آنذاك محمد الحلبوسي أنّ العراق بحاجة إلى وزراء يحملون لمسات عشائرية، في ذلك الوقت لم يكن الحلبوسي يحلم أن يصبح رئيساً للبرلمان، ولم يكن يدور في ذهنه أنه سيضع قواعد جديدة للديمقراطية العراقية..

فقد كان يرى أن الوزراء التكنوقراط خدعة وأن هذه الصفة لا تمنح الوزير الخبرة والكفاءة، ما لم يحصل على صك مصدّق من إحدى الكتل السياسية! فنحن مجتمع حزبي وقبائلي، لامكان فيه لمتخصص ربما لا تعرف من هو رئيس عشيرته، وهذا أمر معيب!.

منذ أن قررت النائبة عالية نصيف استخدام الأحذية بدلاً من الكلمات في مخاطبة زملائها داخل جلسة البرلمان، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق تعرض به أصناف الشتائم وعبارات من عينة "نسحقكم ونسحلكم". وكان آخرها المشهد الكوميدي لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي وهو يعلن حرمان النائب باسم خشان من حقوقه داخل قبة البرلمان ، فلن يسمح له الاشتراك في اللجان البرلمانية ، ولن يُسمع منه شيئا ، ما لم يقدم الاعتذار ويطلب الصفح من رئيس عشيرة مجلس النواب

هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى قرارات كوميدية ، لتكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، عروض ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئاً فشيئاً من مباراة في السياسة إلى مقاطع كوميدية رخيصة في صالات عرض من الدرجة الثالثة، ليتحول مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكاناً يجتمع فيه ذوو الكفاءات والخبرات والطاقات الخلاقة إلى سوق مناكفة وعرض سيئ للعضلات وفجاجة في العمل السياسي، مما أدى إلى غياب القضايا التي تهم الشعب ليحل محلها صراع من أجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات، مضحكات ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت من خطاب طائفي مقيت إلى مرحلة الشتائم واللكمات والركلات.

هل أجرم باسم خشان حين اعترض على قرارات الحلبوسي ، إلا يحق لنائب او مواطن ان يسأل رئيس البرلمان من اين لك هذا ؟ ، أما وأنها حربٌ ضد كل صوت ينتقد البرلمان وفرقته ، فهذا أمر يدل على بؤس الديمقراطية النيابية ، ولهذا يمكنك القول عزيزي القارئ ان ما يدور داخل قبة البرلمان هو حربٌ ليست من أجل المواطن ، وانما الغرض منها افتراس الوطن .

داخل قبة البرلمان لا فرق بين جماعة حكومة الاغلبية وجماعة حكومة الشراكة ، هم يختلفون في درجة قربهم من المنافع وليس في درجة قربهم من الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram