ترجمة: عمار كاظم محمد خلال فترة العنف الطائفي رأت بعينيها بعض الاجساد الممزقة حول باحة المدرسة حيث هي الآن مديرتها ، لكن مي عبد الوهاب لم يسمح لها لحد الان بتعليم الطلاب عن ما حدث خلال الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة لاسقاط صدام عام 2003 .او التأريخ الذي تلا السقوط.
تقول الانسة مي مديرة احدى المدارس الاعدادية في بغداد " ان كلا التاريخين غير موجودين ضمن مناهج التعليم " لكنها كالعديد من الناس الآخرين هنا فهي ليست في عجلة لوضع اعتبار اكاديمي للنظام البائد مضيفة " ان النظام البائد كان مسيطرا لمدة 35 عاما ، فاذا تم اضافته لمادة التاريخ فسيكون هذا الامر قريب جدا ونحن لا نريد السماع عنه مجددا ". طوال ثلاثة عقود من الديكتاتورية ، كان التعليم وخصوصا فيما يتعلق بالتاريخ اداة تلقين لحزب البعث "المنحل" وآلية لتعزيز عبادة الفرد ، وبعد سبع سنوات على سقوط ذلك النظام فان مهمة استرداد تاريخ العراق لطلبة مدارسه تعرقل من خلال السياسة ومخاوف الخوض في الخلافات الطائفية . يقول غازي مطلك وهو مسؤول حكومي عن فحص المناهج الدراسية " نحن نحاول ترتيب المواضيع الحساسة " لكي تلائم المجتمع الديمقراطي مضيفا على سبيل المثال " ان احداث الحرب التي جرت عام 2003 يدعوها البعض عملية تحرير والبعض يدعوها احتلالا لذا فنحن نتجنب الخوض في موضوع كهذا" . في عام 2008 بدأت الحكومة العراقية باصلاح مناهجها بدقة وتحت اشراف منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة وستستمر هذه العملية حتى عام 2012 . يقول محمد الجواهري نائب مدير المناهج في وزارة التربية العراقية " ان المشكلة الرئيسية هي قضية الطوائف فكل طائفة تحاول ان تزيل ما لا يوافقون عليه ونحن سنحاول معالجة وحل هذه المشكلة خلال السنوات القادمة". ويشير الجواهري عبر ذلك الكلام الى المنهج الاسلامي الذي هو مزيج من التاريخ والتعاليم الدينية التي تدرس في المدارس العامة ، متسائلا عن الكيفية التي يمكن من خلالها طرح القضايا الدينية التي مازالت لحد الان محل اختلاف بين الطوائف المتعددة في العراق وهي قضايا حساسة في مجتمع مازال يعاني من العنف . مضيفا " ان مجتمعنا لايمتلك لحد الان التعليم الكافي والذي يتقبل هذا النوع من التنوع في الرأي " ففي كتاب التاريخ للدراسة الاعدادية يتمثل سقوط نظام صدام من خلال اشارات مثل " النظام السابق " او " النظام الديكتاتوري " بشكل بسيط ثم يقارن النص الموجود ما بين القمع السياسي والسخط العام للناس قبل الانقلاب "ثورة" عام 1958 وسقوط الملكية الهاشمية الى رد الفعل لدى الناس ازاء جرائم صدام المتمثلة باستخدام السلاح الكيمياوي ضد الشعب الكردي عام 1988،الى القمع العنيف للانتفاضة التي حدثت في جنوب العراق عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية . حيث يشير النص قائلا " شهدت مدن العراق تظاهرات وعدم استقرار والثورة ضد السلطات في العراق " ثم يصف النص الظروف التي حدثت قبل عام 1958 ويستمر النص مشيرا " الى ان مثل هذا قد حدث في العراق ايام الدكتاتور" وحينما يتم الاشارة الى الحرب في الصف فان المدرسين يغيرون الموضوع بسرعة لكن الآخرين يرون الحاجة الى تشجيع النقاش في هذا الامرحتى لو أنه تعدى حدود ما يفترض عليهم ان يعلموه . تقول وسن محمد وهي مدرسة في متوسطة الاحرار للبنات في بغداد " نحن في بعض الاحيان نحتاج الى المناقشة حول هذا الموضوع " . حذام حسين التي تدرس التاريخ الاوروبي الحديث تقول عند الاشارة الى الاستعمار اشير ايضا الى الحرب الأخيرة في العراق ". يمتد تاريخ العراق الثقافي آلاف السنوات وتشمل معظم اراضي بلاد ما بين النهرين القديمة لكن ذاكرته التاريخية غائمة بثوراته بينما التاريخ العراقي في القرن العشرين تحت النظام الديكتاتوري كان مجرد دعاية حيث زينت صور الدكتاتور كل كتاب منهجي ويقول بعض المعلمين ان منهج التاريخ القديم ربما كان اعمق من الحالي، فباسم الحساسية وتعدد الثقافات وللابتعاد عن المنهج القومي تم تكثيف التاريخ القديم واضافة مواضيع جديدة . تقول الانسة حذام حسين التي تدرس مادة التاريخ " لقد كنا ندرس حضارات العراق القديمة واريد ان اتكلم عن بلاد ما بين النهرين وهي مهد الحضارة بالاضافة الى مصر وسوريا لكنهم الآن اضافوا البوذية والهندوسية فما فائدة ذلك بالنسبة لنا ". كتاب التاريخ ايام ديكتاتورية صدام حسين كان خاضعا لأولويات الدولة الرسمية ومنطق القوة بينما مادة التاريخ في العراق الديمقراطي يبدو أن اخبار ماضيه مدينة للسياسة على نحو مختلف يقول السيد مطلك ان هدف وزارة التربية هو ان يكون " منهج التاريخ اداة لتوحيد الشعب العراقي. عن:نيويورك تايمز
العراق يخطو بحذر لإعادة كتابة تاريخه
نشر في: 30 يونيو, 2010: 07:42 م