عمـار سـاطع
في زمنٍ كان فيه نادي الزوراء الرياضي، وهو امتداد لفريق النَقل مطلع انطلاقة اول دوري أهلي في البلاد، يُشكلُ عمقاً كروياً حقيقياً وتأريخاً مليئاً بالأحداث والإنجازات على حد سواء.. فإنه أصبح اليوم بَينَ صورتين وبَينَ واقعين، بعد ان اشتدت عليه الأزمة بشكلٍ ابعدتهم عن واجهة قمة الدوري!
وحتى لا يُساء الظَنُ بِما نكتب تجاهَ هذا الصرح الكبير والذي بات يعاني الامرين في ظل اهداره نحو (18) نقطة في آخر عشرِ مباريات، واكتفى بنتائج سلبية لم يكن في اغلبها الطرف الباحث عن الفوز بعد ان وجد نفسه وهو يتعرض لضغوطاتٍ شتى مِنْ كُلِ حدبٍ وصوب وتأثره بفقدان اغلب عناصره المهمة وركائزه الأساسية.
نعم.. لم تكتمل صفوف الزوراء في أخر مواجهات مرحلة الاياب من دوري اللعبة، وراح يؤدي اللقاءات بطريقة تجريب لاعبين يافعين وتأدية المباريات باسلوب (الحشو) عسى ان يقتنص فوزاً هنا وهدفاً هناك، نتيجة اصرار الادارة على التمسك بخدمات المدرب الفيلسوف ايوب اوديشو، إيمانها المطلق بأن عمله اليوم مع الفريق، في هذا الظرف الصعب، اشبه بالدخول في معارك شرسة من دون سلاح يُذكر!
لا اريد ان اكون مدافعاً عن الزوراء، النادي، الذي يعتبر اليوم عميداً حقيقياً لانديتنا من حيث تحقيقه للالقاب وانفراده بالارقام القياسية وخطف الانجازات، غير ان ابتعاده بهذه الطريقة عن القمة يعدُ بمثابة الانكسار الذي لا يتمناه كل من له ارتباط بكرة القدم العراقية، سواء كان من مؤازرته او دونهم!
وفي اعتقادي ان نادي الزوراء، الذي واجه فترات عصيبة، انحسرت تحديداً في العقد الثمانيني من القرن الماضي، بسبب ابتعاده عن الالقاب والانجازات، لتغيير الفكر الإداري والتمسك بعناصره المهمة والاعتماد في ذلك الوقت على ابناء النادي والاهتمام بفرق الفئات العمرية، ربما يتكرر ذلك الواقع في يومنا هذا، مع التذكير بالفارق الزمني وعدم المقارنة بين نجوم الامس واليوم.
نعم قد يمرضُ الزوراء ويعاني من عللٍ كثيرةٍ، لكن دقات القلب ونبضه لن يتوقف، دام الإصرار والعزيمة حاضران مع من ينتمي الى هذا النادي الأكثر شعبية ويدعمه بالطريقة الأمثل ويشجعه في أكثر الأوقات محنة ونجاحاً!
أيها الأخوة.. ما يحتاجه الزوراء اليوم من وقفة تكاد ترتبط بأمرين مهمين ومؤثرين، أولهما منح الفرصة لِعُشاقه مشجعيه من إبداء وجهات نظرهم مجتمعة مع إدارة النادي والأخذ بما هو مهم وواقعي شريطة ان يكون التصحيح عام ولا يشمل جوانب فردية او شخصية، الى جانب دراسة ما حصل للفريق من ضغوطات وإرهاصات نتج عنها فقدانه لنقاطٍ، لو لم يفقدها، لكان اليوم قريباً من المتصدر، خاصة وانه تعادل مع فرقٍ غير منافسة له.
ما آمله من ادارة نادي الزوراء هو ان تفتح قنوات الاتصال مع لاعبي الفريق السابقين من الذين ساهموا في تحقيق الالقاب وان يديم العلاقة مع تلك الأسماء التي بذلت ما بذلوه من عطاء في الميدان يوم كان للانتماء عنوان واحد يبتعد عن الأموال ويبحث عن الوفاء، اضف الى ذلك ان يتم الدفع بتشكيل فريق رديف لا يقلُ شئناً عن الفريق الاول!
وما دمنا نتحدث عن التصحيح والتعديل في مسار كرة الزوراء، فأن ذلك يدفعنا الى كيل المديح بما احسنت ادارة النادي حينما أكدت تمسكها بالمدرب أيوب أوديشو ووضعت ثقتها به لما يواجهه من مشاكل فنية، وفقدان أهم اللاعبين وعدم اكتمال صفوف الفريق في اغلب المباريات، واكتفاءه بتحقيق الفوز في مباراتين من اصلِ آخرِ عشرِ مباريات وعدم تسجيله سوى خمسةِ أهدافٍ فقط!
تمسك إدارة الزوراء بِالمدرب، أيوب اوديشو، ان كان يعني شيء، فإنه يعني ان الادارة وضعت نهاية لظاهرة تغييرات المدربين التي أكلت من جرف اللعبة وانهت فترة قاسية تلاعبت بمقدرات الدوري ومنافسته وقللت من صورة التنافس الفعلية بين الفرق الجماهيرية والفتية، او تلك التي تسعى للظهور او التي تحاول الحفاظ على استمرارها في التنافس مع الكبار!
اتمنى ان تَعيّ ادارة الزوراء حجم المشكلة وان تقدر غيرة جمهور الفريق وأن تأخذَ بعينِ الاعتبار أهمية جذب نجوم النادين من المبتعدين او المهمشين، عسى ان تنتهي الفجوة وتنصلح الامور!