TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > هكذا تكلم الطاهر وطار: لا تهمني الحرية بقدر ما تهمني الكتابة

هكذا تكلم الطاهر وطار: لا تهمني الحرية بقدر ما تهمني الكتابة

نشر في: 2 يوليو, 2010: 04:23 م

نشر الروائي الجزائري الطاهر وطار روايته الأخيرة «الولي الطاهر» على الإنترنت، على أن ينشرها في كتاب فيما بعد. وقد التقيته أخيراً في مقر جمعية الجاحظية التي يرأس ادارتها بالجزائر، وتحمل هذه الجمعية الثقافية شعار «لا اكراه في الرأي». وشكلت كرد فعل على التعصب الفكري الذي ظهر نهاية الثمانينات وبداية التسعينات في الجزائر، وهو تعصب كما قال عنه الروائي الطاهر وطار أسهم فيه دعاة الفرنسية ودعاة العربية والديمقراطيون والاسلاميون واللائكيون.
 وكان وطار يستعد لحضور ندوة في باريس عن القضية الفلسطينية التي اهتم بها طوال حياته. هنا حوار معه عن روايته الأخيرة، وتجربته في «الجاحظية»، والواقع الثقافي الجزائري والعربي، وهمومه السياسية: ربما لا يعرف الكثيرون عن نشأة الروائي الطاهر وطار بقدر علمهم بتجاربك الروائية التي جسدت فيها باتقان مختلف التحولات التاريخية والاجتماعية التي مر بها المجتمع الجزائري؟ ـ نشأت في قرية «امداوروش» سنة 1930 بمنطقة سدراته الواقعة في شمال شرقي الجزائر من أسرة بربرية تتكلم العربية، وقرية امداوروش عاش فيها «ابوليوس» صاحب أول رواية في تاريخ الأدب «الجحش الذهبي». وهي التي عاش فيها القديس «أغستان».واول خطواتي الكتابية كانت في الشعر، ثم انتقلت لكتابة قصتي الأولى في سن السابعة عشرة «الحب الضائع»، ثم توقفت عام 1956 عن مزاولة دراستي في جامع الزيتونة مستجيبا لنداء جبهة التحرير الوطني للالتحاق بجبال الثورة ضد الاستعمار الفرنسي. لم أكن سياسيا، والوعي بالوطنية جاء من دون تكوين فكري، ولكن بالممارسة اندلعت الثورة، وانضممت اليها روحيا. وكان تأثيرها كبيرا كما ورد في رواية «اللاز» وتأثير مجازر الثامن ماي من عام 1945 في كل من ولايات قالمة، سطيف وخراطة وغيرها.  كيف تنظر إلى هذه المعادلة الصعبة، خاصة في ظروفنا العربية، بين الحرية والابداع؟ ـ الابداع هو عملية تتم خارج ارادة الانسان ممارسة فيزيولوجية وروحية لطبيعة ساكتة في الكائن، سواء كان عصفورا أو أي حيوان أو كان انسانا. هناك غريزة التوق يعبر عنها الانسان بالشعر أو الموسيقى أو الكتابة، وهي موجودة عند كل فرد وعند كل مبدع، لكنها تتفاوت نسبتها بين مبدع وآخر. أما فيما يتعلق بالحرية فتبدأ من ذات الانسان. ثم إن الاضطرار للإبداع والتعبير لا يحتاج الى جرعة حرية، لأن المبدع يكتب رغم أنف الحرية، فالعصفور يغني ويناجي وهو داخل القفص. عندما كتبت رواية «اللاز» كانت الجزائر تمر بحالة طوارىء، ولا أحد رفع الرواية الى اليوم رغم أنني لما كتبتها توقعت عواقب وخيمة وكنت مستعداً لتحملها ولم تكن تهمني الحرية بقدر ما كانت تهمني الكتابة. المتتبع لكتاباتك يلاحظ تركيزك على التيار الأصولي. لماذا؟ ـ كانت وما تزال تهمني امكانيات البورجوازية الصغيرة في الفعل الثوري، وحدود تضحياتها، وما هو مداها. وتطرقت لبورجوازية صغيرة تستخدم الدين، وأخرى الأعراف والتقاليد، وأخرى تستعمل مسميات أخرى. وفي الأساس تعرضت للثورة المضادة التي تنتج جدلياً الثورة، وذلك لما تصل الى حد القطيعة مع المشروع القديم السياسي والاقتصادي والاجتماعي سواء أكان بيروقراطية كما هو الشأن في الأحزاب السياسية في المنظومة الاشتراكية القديمة، أو مواقف مضادة بتهمة الالحاد. والثورة بالنسبة لي دورية في التاريخ حيث يضطر المجتمع للقيام بها، ثم يتهادن مع نفسه، وبعدها تنتصر الثورة المضادة ثم تعود الثورة الأولى. وهذا ما يجعلني أفكر في أبي ذر الغفاري وما قيل له أنه «سيبعث وحده ويمشي وحده ويموت وحده، يحتاج اليه المجتمع ويتخلى عنه، يقتله المجتمع ويحتاج اليه من جديد» هذه هي فكرة الدورة. كتاباتك مليئة بالاستشراف لما حدث ويحدث بالفعل. كيف تم كل هذا الاستشراف الحدسي لدرجة ان الكثيرين من النقاد قالوا إنك تنبأت بواقع الجزائر روائيا؟  عندما كتبت «عرس بغل»، كنت محملا في عقلي بكل حركات التحرر في العالم، وكنت قد زرت بعض البلدان الاشتراكية، وقلت في هذه الرواية إن البورجوازية الصغيرة عقيمة. وأحسبني أمسكت بخيوط المسار السياسي للعصر الذي عشت فيه. أحسبني أيضا مندمجاً في زماني وفي مكاني وفي الناس المعاصرين، فأنا الغائب الحاضر باستمرار. واذكر أمثلة أخرى عن عودة بعض أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية الى فلسطين في رواية «تجربة في العشق». تحدثت عن أبي عمار وقلت ما العمل به اذا لم نحدد وظيفته فهو ليس ملكا وليس رئيسا وليس امبراطورا، وتوصلت الى نتيجة انه زعيم وكفى. وقلت كذلك ان المطلوب من العائدين من خارج فلسطين، ترك أسلحتهم في الخارج ولقد تطرقت الرواية للعديد من الحقائق التي أغضبت بعض الأخوة الفلسطينيين. ولم تكن اساءة مقصودة، إنما مجرد حالة تصور.في روايتي الأخيرة «الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء» تحدثت عن انطلاق رصاصة في مكتب ابوعمار في جو أسود، وقلت أن كل ولد يولد في تلك الأيام يسمى مروان رئيسا، وكل بنت تولد تسمى السلطة التنفيدية. انا أؤمن بوحدة الوجود الروحي والمادي وأؤمن بقدرة العقل البشري وانسيابية المخ في الزما

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram