TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > الطاهر وطار.. أسطورة السرد برؤيا معاصرة

الطاهر وطار.. أسطورة السرد برؤيا معاصرة

نشر في: 2 يوليو, 2010: 04:27 م

حسب الله يحيييعد القاص والروائي الجزائري وطار(من موالىد 1936)في طليعة الروائيين الجزائريين الذين يكتبون اعمالهم باللغة العربية الفصحى.واذا كانت الذاكرة العربية تحتفظ لمحمد ديب ومالك حداد وكاتب ياسين..بقسط وافر من الاعتزاز والاحترام لأعمالهم الروائية والشعرية والمسرحية المترجمة الى اللغة العربية،فان احمد رضا حوحو وروايته(ام القرى) الصادرة عام 1947 ومن ثم رواية عبد الحميد بن هدفة،
 عام 1971 والى جانبها الاعمال القصصية والروائية التي صدرت بعدئذ للكاتب الجزائري الطاهر وطار، تعد جميعا شاهد عصرنا،وغنى من خلال تعاملها مع المفردة العربية والمجتمع العربي كأحداث..الطاهر وطار دخل ميدان الفن الروائي سياسيا ومناضلا،وساهم في استقلال بلاده من الاستعمار الفرنسي،وكان منشغلا بالابداع الروائي..لذلك جاءت معظم اعماله معبرة عن حياته والتجارب التي عاشها قبل الاستعمار وبعده.ويبدو ان الطاهر وطار كان يفكر بكتابة رباعية روائية طويلة بدأها برواية(اللاز) عام1974 ثم (الزلزال) عام 74 و(الحوات والقصر)عام 1975،و(عرس بغل) عام 1978 إلا انه عاد وقدم رواية تحمل عنوان(العشق والموت في زمن الحراشي)واعدها الكاتب الرواية الثانية بعد(اللاز) ونشرها بشكل مسلسل في مجلة(الوطن العربي) عام 1979.ولأن هذه الاعمال يمكن ان تقرأ بشكل مستقل،فأنها كانت في كل طبعة جديدة تثير اهتماما وبخاصة روايته الاثيرة(الحوات والقصر)وقد ارتاينا مناقشتها تفصيلا بعد صدور طبعتها الجديدة في الجزائر.تختلف معالجة رواية (الحوات والقصر)عن اعمال الطاهر السابقة،ففي(اللاز) يقدم شخصية (اللاز اللقيط) ومن خلاله يعكس واقع مجتمع هجين يتحول عن مبادئه سريعا،وفي(الزلزال) تواجه الثورة المناوئين لها فشخصية(بو الارواح)المتخلف ينحاز الى نفسه لا الى المجتمع وفي(العشق والموت في الزمن الحراشي)يقدم شباب الجامعة ومساهماتهم في دعم الثورة الزراعية،وفي(عرس بغل) يستحضر(الشيخ كيان) التاريخ في محاولة لايجاد حلول لمشكلاته.لكنه في(الحوات والقصر) يكشف عن قوى مصطنعة خرجت من الحضيض لتثري وتنحل البراءة..ولئلا يقع الطاهر وطار في التسطيح والمباشرة،فقد لجأ الى الاسطورة واتخذها رمزاً لتقديم احداث روائية،حيث نجد أن(شخصية على الحوات) شخصية شعبية تحمل قدراً كبيراً من النبل،ومناسبة انقاذ(صاحب الجلالة ) من مؤامرة استهدفت حياته،فصار على الحوات اختيار سمكة سحرية ملونة نادرة كان قد اصطادها وان يحملها هدية الى قصر صاحب الجلالة.وعلى الحوات صياد يتيم من قرية(الصراحة والتحفظ)وقد عمل لكي يصل بسمكته التي(تزن سبعين رطلاً وبها تسعة وتسعون لونا،وتعيش في الماء مثلما تعيش في البر..وفي النهار سمكة وفي الليل امرأة،كان عليه ان يمر بقرى:(الاعداء)وسط الاحتجاجات والتساؤلات..ومن ثم عليه ان يمر بالحرس وان يشرح لكل قرية مهمته وان يقدم للحرس هدايا..ليتيحوا له فرصة دخول القصر.وكانت رحلة على الحوات في المرة الاولي قاسية،فقد كانت القري تطلب اليه ان يحمل همومها ومشكلاتها الى القصر،لا ان يقدم هديته ويسكت..وجراء قناعته قطعت ذراعاه وقيل امام صاحب الجلالة بان على الحوات كان سارقا وقطع لسانه وسوغ الامرعلى انه ابكم،وحين كشف عن بقية ضئيلة من حياته قيل انه مجذوم وقد قال كلمات نابية فعوقب بما يستحق،وحين بكي الحوات،قال احد الحاضرين أنه يستشعر ظلما،ففقأت عيناه لأن الظلم غير قائم في السلطنة..و(حين خرجوا بعلى الحوات،لمس موضع القلب من صدره وود لو كان بأمكانه ان يقول لهم..الا هذا لن تنالوه مني،انه الموضع الوحيد الذي تقووا على تشويهه).ويروي لنا الطاهر وطار بقية الاسطورة حيث يقال ان على الحوات،رفع من القصر بقوة خارقة،صارت السمكة التي كانت باحدي برك القصر،حصانا بسبعة اجنحة،امتطاه على الحوات،وطار به الى وادي الابكار،كما وان الجنية الشبقة اعادت له كل الاعضاء التي فقدها وتزوجته.ويقال ايضا:(ان دموع على الحوات اغرقت القصر في فيضان..)ويختم وطار روايته بالتصريح في الاسطر الاخيرة قائلا:(المهم ان الحقيقة تجلت،وان الاعداء لن يستطيعوا ان يمنعوه من التعبير عن الخير الذي جاء يسم العصر به).ان هذه الرواية التي كتبها الطاهر وطار عام 1974 وصدرت طبعتها الاولي عام1980 تقدم لنا الكاتب من خلال مؤثرين يرسمان معالم كل كتاباته،الا وهما:ايديولوجيته السياسية الىسارية،وتجربته الاجتماعية،وفي(الحوات والقصر)محاولة جادة للتفاعل مع مكابدات الانسان للوصول الى الحقيقة.الواقع الرمزلقد حاول وطار ان يغلف الواقع بالرمز،الا ان رمزه كان واضحا ومكشوفا فالقوي الخيرة التي يمثلها الحوات مطلقة،تحمل الصواب،وتمني نفسها بسيادة العدالة والسلام والخير العميم في ظل صاحب الجلالة.ولا نعلم كيف وصل الى الحوات الانسان البسيط الى هذه الحقيقة المطلقة،في حين وجدتها قوي اخرى موجودة في عدة قرى بان حقيقة القصر،حقيقة كاذبة واستبدادية وينبغي مقاومتها.ولكن لماذا تكون ضحية الحقيقة واللاحقيقة شخصية صياد مسحور يحمل سمكة مسحورة..ينفلت من الاضداد بقوى سحرية غامضة بعد أن واجه العذاب المرّ في مسيرته نحو القصر،فهل هو البحث عن قوى عجيبة وغيبية تحتمها حالة استخدام الاسطورة للانهيار وإثارة دهشة ومخيلة القارئ؟ان الطاهر وطار كتب اعماله ضمن رؤية الواقعية،الا انه في(الحوات والقصر)جمع الاسطورة كرمز،والواقع كفعل مادي..فاضاع الرمز والواق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram