علي الياسري
اينما وجدت الاشجار، وجدت الحياة.. حين يستعيد محسن مخملباف واقعة طعنه لشرطي في زمن الشاه والتي قضى بسببها عدة سنوات في السجن في ثاني تناول لها من قبله سينمائيا يكون قد بلغ من الوعي مايدفعه لصياغة دراما ساخرة من تلك السذاجة المفرطة
واضعا جانب السوء في ايذاء الاخرين من اجل احلام طوباوية مثل زرع الازهار في افريقيا وتوفير الخبز لكل فقراء الكون او ان تكون ابا مسؤولا عن جميع سكان الارض على محمل الشعارات الثورية التي كانت تضج بها تلك الحقبة ومقاربا بعين الوقت لاحساس الانسان في الطيبة والمحبة ومد اليد للسلام وهو ماحدث بينه وبين الشرطي بالفعل. مخملباف في فيلم (لحظة براءة) يضع اللبنة الاولى لسينماه الحقيقية وفق اسلوبه المميز حين يصوغ السيناريو بروح الوثائقي ونمط الروائي، فالسرد عنده ليس بالضرورة تقليديا لكنه يمتلك المثابات. ميزة لحظة البراءة انه يدهشك بذلك المزج المفاجيء مابين الاعداد للمشاهد ولحظة الحوار المجسد للفعل الحقيقي. يدور مخملباف حول الزمن ليباغته بتلك الانحناءات اللذيذة. يقدم درسا كما اعتاد في بداياته السينمائية لكنه هذه المرة ليس جافا ولا بروباغندا تقليدية بل استقراء متبصر بأن الفعل الاحمق من الممكن استبداله وفقا لرؤية جيل معاصر بالتواصل الحياتي الصادق والمحبة الواعية.