TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بيان عراقي

بيان عراقي

نشر في: 17 نوفمبر, 2012: 08:00 م

نحن المواطنين المبتلين قد هالنا ما بلغته لغة السياسة عندنا من انحطاط للأخلاقيات العامة وإغراق في النزعات الشخصية الضيقة، وتزييف للوقائع والحقائق يسعى من خلالها البعض  لمنعنا من رصد المآسي التي تحدث في البلاد، وحجم الخراب الذي يزحف على مدن العراق كافة، وإذ تقف البلاد اليوم على عتبة استحقاقات انتخابية ننتظر منها أن تدعم مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية بوجوه جديدة تعيد الاعتبار إلى هذا البلد.. لكن يبدو أن البعض مصر على ان يعتبر السلطة جزء من حياته الشخصية لا تنتهي إلا بمغادرته الحياة.

نحن المواطنين الذين يريد الجميع أن تغيب أصواتنا، نحذر من إعادة إنتاج سياسات دكتاتورية تعيد العراق إلى عصر جمهوريات العسكر وأقبية وسجون المخابرات.

بعد تسعة اعوام من هجمات منظمة ضد كل قواعد الحياة الوطنية في البلاد، يصر البعض على إفراغ البلاد من كل طاقاتها الكفوءة، ليسلمها إلى رهط من الانتهازيين والأميين ومنشدي المدائح على أعتاب الحكام.

بعد تسعة اعوام تم خلالها تدمير ممنهج لفرص النهوض بالبلاد، واشاعة اليأس في نفوس البسطاء والسعي إلى ترسيخ الفرقة الطائفية والمذهبية من اجل ان يتحول حلم التعيير إلى كابوس.

نحن المواطنين كنا نتمنى ان نجد أمامنا حكومة قوية في هدوئها، فقد عانينا طويلاً من عهود سادت فيها قرارات الجور والظلم والتعسف، التي أوقعت العراقيين في مصائب كثيرة، وهزائم كبيرة مازالوا يدفعون ثمنها حتى الآن.

كنا نأمل أن نجد أنفسنا إزاء حكومة تعلي مبدأ الحوار السلمي، ولا تفرق بين أبنائها، لا تنحاز لطرف على حساب طرف آخر، حكومة تتعامل مع الجميع على مسافة واحدة، فالمسؤول والمواطن جزء من النسيج الوطني، حكومة شعارها  المواطنة أولا، لكننا وجدنا أمامنا عقلية سياسية تتعامل مع الجميع باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كنا نأمل بحكومة تعبر بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات؟ فوجدنا أمامنا حكومة  تريد اعادة الناس الى زمن "القائد الضرورة".

كنا نأمل ان تقوم صورة الدولة الحديثة على فكرة تقاسم السلطات والفصل بينها بحيث تمنع ظهور قائد أوحد جديد يتبختر بزيه العسكري، فقد دفع العراقيون جميعا الثمن غاليا من اجل التغيير والديمقراطية.

نحن  العراقيين عربا وأكرادا، مسلمين ومسيحيين وايزيديين وصابئة، شيعة وسنة نحذر من الأعيب الحاشية التي تخترع كل يوم عدوا جديدا من اجل إزاحة الجميع.

لسنا مجموعة من العميان حتى ندرك أن سلوكيات البعض ليست بعيدة عن نظام دولة المخابرات والمخبرين السريين، ووثيقة الصلة أيضا بحرائق التعصب والانغلاق التي تنتشر اليوم في أكثر من مكان، فحملات اعادة انتاج دكتاتور جديد  إلى الحياة واستنساخ نظامه ومعاقبة الذين يصرخون بوجه الدكتاتورية، لا تزال مستمرة وبنجاح منقطع النظير.

نحن المواطنين ندرك جيدا ان ما جرى ويجري في العراق خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل اثر للتغيير ، وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز.

ندرك جيدا ان العديد من مسؤولين يتبجحون بأنهم أصحاب التغيير وحراس الديمقراطية، ولكنهم في الوقت نفسه يدخلون  في صفقة لتجميل الوجه القبيح للدكتاتوريات العربية.

نحن العراقيين نحلم اليوم بوطن معافى يقوى باجتماع طوائفه ومكوناته.

نحن العراقيين نحلم ببلاد تنهل من اختلافاتنا لتحولها مصدر قوة وتماسك.. بلاد متحررة من انانيات الطائفية والقبلية والمحسوبية والانتهازية.

نحن العراقيين نحلم ببلاد تكون ملكا للجميع، محصنة بقضاء مستقل ، وبتمثيل برلماني لايعرف للمحسوبية طريقا

نحن العراقيين نحلم بمجتمع امن لا تقيد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يتربصون به كل ليلة.

نحن العراقيين نحلم بثقافة ديمقراطية، تنحاز للمواطن لا للطائفة، وتنحاز للبلاد لا للحزب والعشيرة.

نحن العراقيين ندرك جيداً ان البلاد تعيش اليوم في ظل  ظروف سيئة تدفعنا جميعا لأن نقول بصوت واحد لا لسياسات الإقصاء، لا للتفرد بالسلطة، لا للطائفية.

نحن العراقيين إذ نكتب هذا البيان فاننا نحذر من ان النزعة التدميرية باتت تسكن دوائر القرار الحكومي.

التوقيع

نحن العراقيين

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تسجيل 47 زلزالاً وهزة أرضية خلال 3 ساعات في إسطنبول

مالية البرلمان تستبعد وجود جداول موازنة للعام الحالي

جرحى من الحشد بإسقاط طائرة مسيرة مفخخة بصحراء الانبار

المفوضية تمدد فترة تحديث سجل الناخبين لشهر إضافي

46 إضبارة تلاعب و209 مليون دينار في قضية الحماية الاجتماعية في الأنبار

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

 علي حسين غاب البابا فرنسيس حاملاً معه أعلى مراتب الانسانية. ورث عن بلاده الارجنتين حب كرة القدم، والسعي لاشاعة السلام والمحبة بين الناس.. كلمة "الأمل" كانت آخر ما كتب البابا ونشرها قبل وفاته...
علي حسين

قناطر: عليك مني السلام يا أبا عبد الله

طالب عبد العزيز قد لا يُرى الضرر الذي يلحقه الفسادُ بالمواطن البسيط؛ لأنه خارج معادلة المليارات التي تسرق، والتي تضيع في المشاريع الوهمية، وهو(المواطن)قانع، راض، حامدٌ، شاكرٌ ما يتقاضاه من فتات مائدة الرعاية الاجتماعية،...
طالب عبد العزيز

كوب الفخار … وانكسار الذوق العراقي

أحمد حسن في مقهى صغير وسط مدينة فلورنسا الإيطالية، اسمه "بابليوني"، شدني مشهد بسيط لكن عميق الدلالة: أكواب القهوة مصنوعة من فخار يدوي الطابع، تعيدك في لحظة إلى بابل، إلى العراق. صاحب المقهى، كما...
أحمد حسن

القومية والثقافات الأخرى

محمد سلماوى من المؤسف أن المد القومى العربى الذى انتعش فى أواسط القرن العشرين عمل فى بعض الدول العربية على طمس الثقافات الأخرى فى تلك الدول التى كانت مصدر ثراء للحضارة العربية الكبرى التى...
محمد سلماوى
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram