علي حسين
لم تكن مفاجأة حين أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركين في انتخابات عام 2021 لم تصل إلى 40 %، لكن المفاجأة ان القوى السياسية بعد كل هذا الفشل تريد إعادة الانتخابات من جديد.. أموال تصرف ورشاوى تدفع وصفقات تعقد وملايين الدولارات تدخل في جيوب المستقلين.
كل العراقيين كانوا يحلمون بتغيير حقيقي، إلا القوى السياسية التي أصرّت على أن تمارس لعبة الديمقراطية بالوجوه نفسها، وبمشروع سياسي لا يختلف كثيراً عن المسرحية الكوميدية التي مل الناس من التفرج عليها خلال السنوات.. ولهذا فهم مصرون على أن يعيدوا لنا صور وأصوات، وخطب رنانة سمعناها من قبل، وسنشاهدهم من شاشات الفضائيات ونطالع تصريحاتهم في الصحف.. وسيجري اقتياد الناس وبالقوة لحضور حفلة سياسية أصحابها معبّأون بكلام فارغ ومكرر من عينة " جئنا لإنقاذكم".
وجوه وأصوات يتم استحضارها في كل انتخابات، غير أن الوقائع والدلائل أكدت أن هذه الأصوات والوجوه، فشلت في أداء مهامها، ولهذا كانت الناس تتمنى أن تتم إعادة أصحابها إلى مستودعات السلع غير الصالحة للاستعمال.
قبل أكثر من ستة أشهر حين أدار أكثر من نصف العراقيين ظهورهم إلى الانتخابات، فلأنهم ملّوا من المطالبة بأبسط حقوقهم، في حين أصر مسؤولونا الأشاوس في التأكيد على أن من يطالب بحقوقه فإنما يستقوي بالخارج وينفذ أجندات سياسية، ولا ندري هل الدعوة إلى توفير الكهرباء تحمل في طياتها أجندة سياسية؟ وهل البحث عن فرصة عمل يحمل روائح تدخّل أجنبي؟ وهل المطالبة بسكن لائق وحصة تموينية تليق بالبشر والتخلص من "الزبالة" التي ملأت شوارع العاصمة تقف وراءها قوى إمبريالية أو رجعية؟
لكل هذا أو لبعضه، قررالناس قول لا..، مرة ومرتين وثلاثاً وعشراً لكل الفاشلين الذين صدّرتهم قاعة مجلس النواب ليتحكموا برقاب العباد. ورفع الناس شعار لا للمرة الألف، لأن حريتهم وأمنهم واستقرارهم يساوي أكثر بكثير من المعروض عليهم من بضاعة منتهية الصلاحية. قالوا لا، لأن آثار معركة كرامة الانسان ما تزال باقية في معظم ارجاء العراق.
قالوا، لا وهم يشاهدون مدنهم التي أرادوها أن تفرح، لبست السواد، لإصرار الفاسدين في المحافظات وأعوانهم على أن يلبسوها هذا السواد حزناً وكمداً، لمصادرة الفرح من حياتهم.
لا أعرف هل تقام انتخابات جديدة، وربما تفوز نفس الوجوه الكالحة، وأنا لست بساعٍ لتنفيذ أجندة خارجية ضد "جهابذة" البرلمان، ولكني أفترض أن الناس الذين اكتووا بنيران فسادهم وإفسادهم، لا يحتملون معاناة فصول مأساة جديدة، مع وجوه "انتهت صلاحيتها" حتى قبل ان تُطرح في الأسواق..!