وديع غزوانكان النفط ومازال , ومنذ اكتشافه مصدراً مهماً ورئيسياًً للطاقة في العالم , مثار خلافات وصراعات دولية واقليمية ومحلية . وكانت اغلب منافسات الدول الكبرى محكومة بحقيقة متداولة في اوساط السياسيين ومعروفة , وهي انه بقدرالسيطرة على مصادر هذه المادة , تسيطر على العالم وتتحكم به .. وانطلاقاً من ذلك وبسببه شهدت مجموعة الدول المنتجة للنفط في آسيا وافريقيا خصوصاً ومنها محيطنا العربي صراعات دموية استنزفت موارده البشرية والمادية على حد سواء , وجعلت منها مناطق نزاع دائمة بين الاقوياء .
ولانظن اننا نبتعد عن الحقيقة اذا قلنا ان اكثر ويلات الشعوب المقهورة ومنها العراق مصدرها النفط الذي ظل مصدر إلهام الاحزاب السياسية لصياغة ديباجات بياناتها الفضفاضة في دغدغة مشاعر المواطنين وطموحاتهم ,من دون ان يكون لها صدى على ارض الواقع , فبقي الفقير محروماً من ابسط الخدمات الضرورية في كل الازمان والحقب , لاسباب ليس هنا مجال التفصيل فيها , واستأثر قناصو الفرص من السياسيين باغلب عائدات هذه الثروة على حساب جوع وحرمان الاغلبية رغم كل الشعارات البراقة بإنصاف المظلومين والمحرومين والمضطهدين , التي استبدلت لتكون بديلاً للشعارات النظرية للاحزاب السياسية بمختلف ايدلوجياتها التي اتخذت من الاشتراكية ستاراً للوصول الى السلطة قبل 2003 . المهم ان احلامنا بعد 2003 قد كبرت وتوسعت بما اغدقته علينا عملية التغيير من فسحة الحرية التي اتاحت لنا ان ننتقد ونعبر , وندلي بأصواتنا في صناديق الا قتراع من دون خوف , غير ان هذا لم يتبلور الى فعل مؤثر يدفع سياسيي المرحلة او بعض ممن ركب موجتها الى مراجعة نقدية شجاعة , لممارسات افضت الى فساد اكل الكثير من حصة هذا الوطن واحلام اهله الطيبين , وكان طبيعياً ان تخرج هذه الجموع في البصرة وبقية المحافظات لتطالب بتصحيح مسار السفينة وتوجيه دفتها نحو مصالح الشعب وطموحاته المشروعة والكف عن تبديد الثروات والاستحواذ على الامتيازات والمناصب من دون وجه حق .نسوق هذه الهموم ونحن نقرأ التوقعات التي اوردتها صحيفة الاندبندت البريطانية بان يصبح العراق اكبر مصدر للنفط على مستوى العالم خلال السنوات المقبلة متفوقاً على السعودية التي تحتل المرتبة الاولى في الوقت الحالي ,ونتوقف معه عند تعليقات وتساؤلات اهلنا على مضمون هذا الخبر وعدم اكتراثهم به ,وكأن لسان حال الواحد منهم يقول : ماالذي حققه لنا النفط في السابق حتى نفرح بمثل هذا الخبر او غيره ؟ ! ما يخفف قليلاً من آلامنا ويعزز ثقتنا ان تجربة إقليم كردستان في التعامل مع الثروة الطبيعية و اتخاذه اجراءات عملية باتجاه الاستثمار السليم لها رائدة في العراق ,فبالامكان ان تنتقل هذه التجربة الى بقية انحاء الوطن , ومنها نية الإقليم في التفاوض مع الاطراف المشاركة بمشروع انبوب نابوكو لتصدير الغاز الى اوروبا , وتأكيد رئيس حكومة الإقليم الدكتور برهم صالح محاولة اقناع الحكومة الاتحادية للدخول في هذا المشروع .ما نتمناه خطوات جدية في العراق كله تصب باتجاه خدمة المواطن واشعاره واقعاً معيشاً بان ثروات الوطن ملك عام ,وجاء وقت التنعم بها بعد طول صبر .
كردستانيات: النفط هموم وشجون
نشر في: 3 يوليو, 2010: 04:51 م