سامر الياس سعيد
توقّفت عند فاصلة من برنامج حواري بثّته إحدى الفضائيات وضيّف من خلاله اللاعب الدولي السابق هوار ملا محمد، وفيه أفاض الأخير بأن من كان وراء اتخاذه قرار الاعتزال هو الصحافة الرياضية وكرّر تلك الإجابة ردّاً على تساؤل مقدّم البرنامج الحواري حول من كان وراء اتخاذك لهذا القرار مع أنه تمّ وأنت ما زلتَ في عنفوان شبابك وقدرتك الواسعة على تقديم الأفضل في مسيرتك الرياضية؟
أدركتُ لدى تكرار اللاعب ملا محمد بأن التزامه أن تكون الصحافة الرياضية هي من وقفت في طريق إنهائه مسيرته الحافلة التي كان من بينها تحقيقه وأقرانه بطولة كأس آسيا عام 2007 حيث أبرز الجيل الذي جايله اللاعب هوار ملا محمد (الجيل الكروي الذهبي) أحد الكؤوس التي أفتقرت اليها خزانة الكرة العراقية فأعادها جيل ذلك العام الذي كان فيه العراق تحت وطأة الحرب الطائفية المقيتة التي أزالت غبارها وأحداثها المؤسفة تلك الفرحة العارمة التي سادت الشارع العراقي احتفالاً بالفوز التاريخي الذي نتمنّى له التكرار في قادم الاستحقاقات الكروية.
ومع إن إجابة اللاعب هوار ملا محمد المحدّدة بوقوف الصحافة الرياضية موقف الناقد والحكم للمسيرة الكروية بشكل عام لأي لاعب فعلينا التوقف عند محطّات الإعلام الرياضي وقدرته على تفصيل المشكلات والمسبّبات التي تدعو لتراجع منتخباتنا بالشكل الذي بتنا نلمسه في أي استحقاق أو مشاركة عراقية أو حتى على واقع الدوري المحلي وقدرته على إذكاء المنافسة المطلوبة فيما بين فرقه وأنديته بالإثارة والندية في أغلب تلك المباريات التي أظهرتها تلك المسابقة والتي باتت أغلب انظار متابعيها تنحو بعيداً عنها بسبب اختفاء عامل الإثارة إضافة للمستويات المتباينة والتي تشكّل عاملاً ذا تأثير كبير على قدرة كل مباراة بأن تكون نهائي للمسابقة حافلة بكل رموز الإثارة التي يتطلّبها المشاهد والمشجّع العراقي بشكل عام.
ومع إجابة اللاعب هوار التي كرّرها أمام المقدّم المحاور أدركت أن للإعلام الرياضي سطوة لا باس بها، لكنها مع ذلك لا تقتصر في النصح الذي يبرز من قلم صحفي رياضي وجد أن اللاعب الفلاني على مقربة من نضوب مستواه الفني أو مع ضحالة قدرته على تقديم مستويات أفضل ممّا قدّمه من مستوى خلال المسيرة الكروية التي أبتدأها قبل أعوام فضلاً عن اقتصار مثل ذلك القلم على متابعة مستويات اللاعبين وتأشير الخلل الكامن في أن يقدّم اللاعب ما يلبّي مستوى الطموح وتشخيص الكثير من المؤثرات التي يمكن الأخذ باعتبارها في المستوى العام للاعب ومنها الأرضية الملائمة التي يمكن أن تكون الفارق في تقديم الأفضل الى جانب البيئة التي يتمتّع بها الفريق الذي يمثله ذلك اللاعب الى جانب ما يمكن أن يقدّمه اللاعب نفسه من مستوى وهو يخوض غمار المهمة الوطنية ممثلاً لمنتخب الوطن فحينها سيكون الفارق بشكل أوسع، ويمكن أن يتم التشخيص من خلاله في إحداث الفارق المطلوب.
قدرة الإعلام الرياضي ودوره في تأشير مكامن الخلل ما زالت حاضرة في الكثير من المقاطع التي تم اقتطاعها من تقارير وأخبار تبثّها الفضائيات المحلية بشأن واقع الرياضة العراقية ليتم إعادتها في إطار برنامج ساخر يحظى بنسب مشاهدة عالية، ولكن مع تلك الخلطة المتجانسة من تلك التقارير والأخبار التي أبرزت قصوراً وغياب الاهتمام المطلوب بالقطاع الرياضي ممّا أبرز لدى الصحفيين الرياضيين ما يعرف بخيبة الأمل حينما أقدموا على تأشير الخلل وسلّطوا الضوء تجاه الإهمال واللامبالاة التي باتت تضرب قطّاع الرياضة وتصيبه بالنضوب مقارنة بما كان عليه قبل عقود حينما كان المنجز الرياضي العراقي يتحقق في إطار من الصعوبات التي لا تقارن بواقع اليوم إضافة للنخبة الصحفية التي كانت على قدر من المسؤولية في تأشير مكامن الخلل وتشخيصه وإبداء المعالجات المطلوبة في الارتقاء لاحقاً بواقع الرياضة العراقية والحدّ من الاستمرار بمسألة تراجعها اللامبرّر في ظلّ النتائج المتحقّقة والتي تكتفي الصحافة الرياضية بعقد المقارنات بين ماضيها الزاهر وحاضرها المتراجع ومستقبلها المخيف.