علي حسينيعتقد الناس بأن الصحافة جهاز رقابة يتابع انشطة الحكومة، ولكن. صدق او لا تصدق ان معظم مؤسسات الدولة والأحزاب والكتل السياسية تستنفر حين يدلي موظف او احد اعضاء الحزب بمعلومات لا توافق أهواءها. بحكم القانون لا يستطيع الصحفي ان ينشر معلومات لا ترضى عنها المؤسسات اوالاحزاب، حتى ان الصحافة اخذت تعتمد في نشر اخبارها على مصدر تلحقه بعبارة (رفض ذكر اسمه)،
وعلى الصحفي حين يستخدم المعلومات ان يخفي نصفها حتى لا يتعرض الى مسائلة القانون، ولا يتعرض المصدر لغضب اصحاب القرار. صدق او لا تصدق لا يستطيع الصحفي مهما علت درجاته ان يدخل قاعة اجتماعات مجلس النواب او احدى غرف اجتماعات الكتل السياسية. والمكان الوحيد الذي يجوز للصحفي ان يطل منه على اعمال المجلس هو قاعة وضعت فيها شاشات تلفاز يتفرج من خلالها رجال الاعلام على ما يجري داخل القاعة.وأقصى ما يحصل علية الصحفي بيان او تصريح مقتضب يقول (اجتمعت الكتلة الفلانية، وطرحت المسالة الفلانية، وحضرها المسؤول المختص) وكان اللة عالما بالاسرار. والسبيل الوحيد الى ان يتصل الصحفي بأحد المسؤولين هو ان يسترضي مكتبة الإعلامي ويحلف أغلظ الإيمان بأنه لن يحرج السيد المسؤول بأسئلة مشاغبة. تكفي هذه الامثلة لكي نسال بعدها، اليست المسافة واسعة جدا بين الصحافة ومؤسسات الدولة؟! واذاكانت الصحافة حقا جهاز مراقبة كما اراد لها الدستور، فكيف تمنع من مراقبة مؤسسات يملكها الشعب الذي تعد الصحافة جزءا من سلطته؟!كيف يعقل الانسان ان يمنع المالك – ممثلا في صحافته – من تقصي معلومات عن املاكه؟! واذا كانت الصحافة حقا جهاز مراقبة، فما معنى تحديد اقامتها في قاعة مغلقة بعيدة عما يجري داخل اروقة وقاعات البرلمان والذي هو الاخر جهاز تابع لسلطة الشعب؟! وباي حق يشكو بعض الساسة من ان الصحافة لاتقف على الحياد، ولم تقدم المعلومات الصحيحة للناس.كيف بامكان الصحافة ان تقدم المعلومة وهي تجلس على قارعة الطريق؟! اسئلة كثيرة بعضها موجه لمؤسسات الدولة وبعضها لمجلس النواب واكثرها للناس الذين يلومون الصحافة ويتهمونها بالتقصير، لا ينكر احد ان للصحافة هذه الايام ذنوبا، ولكن شماعتها مثقلة بحيث لا تتحمل ان يعلق عليها البعض ذنوباً هي بريئة منها.
العمود الثامن: الصحافـــة آخـر من يعلــم
نشر في: 3 يوليو, 2010: 06:11 م