علي حسين
هل تتابع مثلي الأخبار القادمة من بلاد شكسبير والتي يقول أصحابها إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ربما يتم التصويت على إقالته؟. وأنا أكتب هذا العمود قرأت ردود الأفعال على إقالة جونسون ووجدت الجميع يتهم رئيس الوزراء بأنه لم يكن أميناً على مصالح البلاد.. ،
واتمنى ان لايذهب بك الخيال فتعتقد ان الرجل حول مليارات من موازنة بريطانيا الى حسابه الخاص ، او حول عدد من اقاربه ومقربيه الى اعضاء في مجلس النواب البريطاني .. وقبل ان يعتبر البعض الحديث عن جونسون نوعاً من أنواع "البطر"، لانني اتترك مشاكل البلاد واتجاهل متعمدا العودة الميمونة لمشروع حنان الفتلاوي "الوطني"، سبعة في سبعة، إلى الواجهة . وقبل أن أجيب اسمحوا لي أن أواصل الحديث عن السيد جونسون، الذي يذكرنا اسمه باللصقة الشهيرة علامة "جونسون"، التي يصر مسؤولونا وساستنا على استخدامها رافعين شعار من الكرسي إلى القبر.. وأعود إلى ما يجري في بلاد "الكفار" بريطانيا.
تتذكرون رئيسة وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي التي قالت إن مصالح بلادها تقتضي وجود رئيس وزراء جديد، ولهذا ما أن وجدت نفسها أمام عاصفة من النقد حتى سارعت إلى تقديم استقالتها، لم تطلب ولاية جديدة، ولا حذّرت من حرب أهلية، ولم تشتم الذين خذلوها في مجلس النواب، ولم تصر على أنها "لصقة" وتتمسك بالمنصب رافعة شعار من الكرسي إلى القبر.. فقط اكتفت بأن قالت إنها سعيدة لأنها قدمت خدمة لبلدها، وإنها فخورة بالديمقراطية البريطانية.
في مرّات كثيرة تبدو لي الكتابة عن تجارب الشعوب، أهم وأنفع للقارئ من أخبار كتلة سائرون وخذلانها لجمهورها، وهي تصوت على لعبة سانت ليغو الجديدة، ولافتات العشائر التي لا تريد أن تغادر عصر الزعماء، وقوانين قراقوش التي تلوح بها مجالس المحافظات والتي لم تجلب لنا سوى الخراب، ولهذا وجدت أن أخباراً مثيرة عن شعوب حية، أحرى بالكتابة من بؤس الخطاب السياسي العراقي.
قبل سنوات قال بوريس جونسون إن احتمال جلوسه على كرسي رئيس الوزراء يشبه تخيل المطرب الراحل ألفيس بريسلي يمشي حياً على سطح المريخ.. وكان جونسون يطمح إلى أن يكمل كتابه "لغز عبقرية شكسبير"، إلا أن المعارك السياسية جعلته يؤجل إصداره ، برغم أن دار النشر كانت ستدفع له مبلغ نصف مليون جنيه استرليني عداً ونقداً، ويبدو أن مثل دور النشر هذه تعاني من قصور في البصر والبصيرة، وإلا كيف تسنى لها أن تهمل مؤلفات مواطن بريطاني يعيش في لندن اسمه إبراهيم الجعفري، يمكن أن تدر عليها ملايين الجنيهات ؟.
في بلاد الواق واق لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، لكن معظمهم يطبقون حكمة "لا أرى لا أسمع لا أتكلم" .