عبدالله السكوتيويضرب هذا المثل للرجل يعمل غيره بجد وعناء ، وينال هو الشهرة والمديح، لانه اعلى منه مقاما، واكثر شهرة، والنورة هي الكلس، اما الزرنيخ فهو مادة سامة معروفة، يخلط جزء ضئيل منه مع كمية كبيرة من النورة، ثم يعجن بالماء ويستخدم في الحمامات لاغراض التجميل، فيقول احدهم للاخر هل اخذت نورة والزرنيخ لا احد يذكره.
وهذه القضية ايضا ازلية، وهي معروفة منذ القدم ولذا كانت الامثلة كثيرة عليها من مثل :(ايجد ابو كلاش وياكل ابو جزمه )، وغيرها كثير، وللشافعي في هذا بيت من الشعر يترجم القضية ترجمة وافية حيث يقول: الم تر البحر تعلو فوقه جيف وتستقر باقصى قاعه الدرر وربما يضرب المثل للامر الغامض الذي تتلاعب من خلفه الاطراف المختلفة ،وتستمر المعادلة غير متوازنة ، اذ يعلو طرفيها الخداع ومسح الاكتاف والتزلف؛ كثير من الشخصيات التي تضيق بها الامكنة ، حكومية كانت ام غيرها ، غير مؤهلة اكاديميا لتسلم مناصب مهمة، لكنها بحسب انتمائها لهذا الطرف او ذاك تسنمت مراكز عليا ، في حين ان من يدير العمل مؤسسة الخبراء تقريبا في جميع الدوائر، ولاانسى حكاية المدير العام في احدى الدوائر والذي باشر لليوم الاول في وظيفته، فاخذ البريد وهرول باتجاه معاونه الذي قضى في الدائرة اكثر من ثلاثين سنة ليسأله: اين اوقع ؟ . وذكر الطبري في تاريخه 5 / 166: ان معاوية استعمل عبد الله بن عمرو بن العاص على الكوفة، فاتاه المغيرة بن شعبة، فقال لمعاوية: استعملت عمرا على مصر ، وعبد الله ابنه على الكوفة، فاصبحت بين نابي الاسد، فعزل معاوية عبد الله واستعمل المغيرة على الكوفة على الخراج، فدخل عمرو بن العاص على معاوية، فقال : استعملت المغيرة على الخراج ، فان اغتال المال ذهب فلاتستطيع ان تستعيد منه شيئا، على اعتبار ان المغيرة من الصحابة واذا اتهمه معاوية لايصدقه احد، ثم قال عمرو استعمل على الخراج من يخافك ويهابك ويتقيك، فعزل المغيرة . هذه العملية استيزار البعض على انهم من الحزب الفلاني، حدا بمؤسسات الدولة الى التراجع لاننا نضع الرجل غير المناسب في المكان الذي لايستحقه، وبهذا المعنى قال الملاعبود الكرخي : (حطوا عليّ نوبجي فنجان مايفهم حجي احمق ملعب سختجي معفص مدبغ قمعري ) ولايخفى على احد ان الزرنيخ في خلطه مع النورة يكون غير ظاهر، لكن الفعل جميعه له، ومثله ايضا من يوجه الاحداث باتجاهها لكنه بعيد عن العين، وحاليا ظهر فعل الزرنيخ الذي يلعب بعيدا عن العين، وكما قلنا ان قضية تشكيل الحكومة لن تبقى بمحورها المحلي فهناك من يلعب من وراء الحدود، وهاهي النتائج عدت بسرعة مذهلة بعد ان ظهر للعيان فعل الزرنيخ المخفي، ولانريد ان نستبق الاحداث، فالاقطاب المتنافرة تجاذبت من جديد ونحن على اعتاب مرحلة جديدة من القبول والرفض ، ولعبة السياسة تخفي الكثير بين طياتها، ومع الغموض الذي يكتنف العملية برمتها نود ان نحلم بمسحة امل، لعل عواقب الامور تنجلي عن خير، وكما قال الشاعر : فان يك صدر هذا اليوم ولّى فان غدا لناظره قريب
هواء فـي شبك ..(الصيت للنوره والفعل للزرنيخ )
نشر في: 3 يوليو, 2010: 08:42 م