TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مؤيد البدري .. رحيل انسان جميل

العمود الثامن: مؤيد البدري .. رحيل انسان جميل

نشر في: 12 يونيو, 2022: 12:32 ص

 علي حسين

رحل مؤيد البدري ، وكان آخر سنواته متعباً ومغترباً، لا يطل على الذين يحبوه ويعشقوه، وفي آخر صورة شاهدتها له قبل سنوات وهو في غربته، كان يضع على كتفيه المتعبتين علم العراق باسماً، يقدم التحية لجميع العراقيين.

مؤيد البدري الرياضي والإنسان الفذ، الذي نقرأ برقيات التعزية برحيله، هو ذاته الذي رحل عن هذه الدنيا لأن هذا الوطن رفض أن يفتح ذراعيه له، وأن هذه الدولة لم تكلف نفسها وتخرج مبلغاً لعلاجه، فيما انشغلت بمعركة عالية نصيف التي تريد أن تثبت أنها مؤسسة الجمهورية العراقية، وأنها قائدة حركة التنوير في هذه البلاد التي يعتقد ساستها أن حفلة لمطرب يمكن أن تهدم البلاد، فيما سرقة مئات المليارات ومقتل الآلاف ونشر الجهل والخراب مسألة فيها نظر.

مؤيد البدري الذي عانى مثل مئات الكفاءات العراقية من غياب رعاية الوطن واهتمامه، في الوقت الذي ينعم فيه نُواب "الصدفة" وسياسيي "ما ننطيها" بخيرات هذه البلاد.. أحيانا أتفحص وجوه الساسة من على شاشات التلفزيون، وأتلفت لأتذكر أسماءهم فلا أجد أحداً، ويقفز دائماً اسم مؤيد البدري، ضاحكاً وطيباً.. ولهذا سأظل أروي دائما حكاية المكالمة الهاتفية التي فاجأني بها الأستاذ البدري قبل أعوام، لأن لا حكاية أخرى لدي أرويها أهم منها، قبل ما يقارب الخمسة أعوام عرفت عن قرب معنى أن تكون كاتباً لك جمهور يتابعك ويقرأ ما تكتبه، عندما رن جرس الهاتف النقال، لأسمع على الجانب الآخر صوتاً هادئاً يقول لي: كنت أريد أن اتصل بك منذ مدة لكنني لا أعرف رقم هاتفك، أنا مؤيد البدري أردت أن أقول لك كلمة واحدة: شكراً.. فأنا كل يوم أقرأ ما تكتبه ليلاً قبل أن آوي إلى الفراش وكلماتك تجعلني أؤمن بأن لا أحد يمكن أن يسرق هذا الوطن من أبنائه. لم أصدق أن الرجل الذي يحدثني على الجانب الآخر من الهاتف، هو مؤيد البدري الأبرع كما سماه العراقيون.

منذ أن ترك مؤيد البدري التلفزيون عام 1993، لم يعد أي برنامج رياضي يثير اهتمام العراقيين. باستثناء برامج الردح السياسي التي انتشرت منذ سنوات

غاب صوت البدري الذي جمع العراقيين حوله أكثر من نصف قرن، لنسمع بدلا منه صراخ سياسيين يطالبون بامتيازات "المعارضة" ، متوهمين أنهم حرروا العراق من سلطة الدكتاتورية، نواب وسياسيون منفعلون منذ سنوات.. في كل يوم نراهم أكثر عصبية.. يرفعون إصبعهم بوجه كل من يتحدث عن الخراب والانتهازية والقتل على الهوية، قواتهم الدفاعية على أهبة الاستعداد لملاحقة ومحاصرة كل من تسوّل له نفسه بالحديث عن أخطاءهم وخيباتهم .. يريدون من العراقيين جميعاً ألا يغادروا عصر السمع والطاعة.. يقولون لك إن مناصبهم وامتيازاتهم لا تُمس ولا يجوز الاقتراب منها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. khalidmuften

    .بالأمس رحل عبدالرزاق عبدالواحد واليوم مؤيد البدري ليدفنوا خارج أسوار الوطن لأنهم كفاءات ابعدهم الجهلة واللصوص.

يحدث الآن

المنافذ تحقق أكثر من 2.2 تريليون دينار إيرادات جمركية في 2025

التشكيلة الرسمية لمنتخبنا الأولمبي لمواجهة عُمان ببطولة كأس الخليج

الأمم المتحدة: 316 مليون متعاطٍ للمخدرات عالمياً

القضائية تستبعد نجم الجبوري من مقاعد نينوى الانتخابية

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram