علي حسين
أسوأ نكتة أطلقت خلال الأسبوع الماضي ما قاله بيان وزارة التربية من أن حارس إحدى المدارس قام بسرقة أسئلة الامتحانات، وفي رواية وزارة التربية نعرف أن "حارس بناية تربية الرصافة الثانية تمكن من الوصول إلى مفاتيح القاصات (الخزنات) التي تُحفظ بها الأسئلة واستخراجها وبيعها وتسريبها على صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي"..
ولا أريد أن أدخل في نقاش "بيزنطي" مع اصحاب البيان ، ولن يذهب بي الحال وأتخيل أن الحارس ارتدى "طاقية الإخفاء" لسرقة مفاتيح القاصات التي تحفظ فيها الأسئلة.. طبعاً لم تصل مخيلات واضعي ألف ليلة وليلة إلى سرد حكاية خيالية مثل حكاية الحارس، وتزداد الكوميديا السوداء قتامة حين نقرأ بيان جهاز الأمن الوطني الذي يخبرنا أنه اطلع على المؤتمر الصحفي لوزير التربية حول التحقيقات بشأن تسريب الأسئلة الامتحانية، وأن التحقيق لم ينته بعد وأن المتهمين هم أعضاء في اللجان الامتحانية ومسؤول الأمن في مديرية التربية، وأين اختفى الحارس أيها السادة؟، العلم عند وزارة التربية بالتأكيد.
نترك الحارس في حقل الأسئلة، مع الاعتذار للكاتب الأمريكي سالينجر صاحب الرواية الشهيرة "الحارس في حقل الشوفان"، والتي يشكو البطل فيها من غياب الصدق رغم أنه لم يكن في يوم من الأيام طالباً في إحدى مدارس وزارة التربية العراقية ، ونعود، ربما للمرة الألف، للحديث عن الديمقراطية التي يفهمها البعض بأنها حكم الأغلبية في تدمير حياة الأقلية والسيطرة عليهم .. فمنذ سنوات وحزب الفضيلة، رغم أنه لا يتمتع بالأغلبية سواء في البرلمان أو الحياة السياسية، إلا أنه مصر على أن يفرض إرادته على الآخرين، وفي كل مرة ينبهنا الحزب بأن البلاد بحاجة إلى خدماته ولهذا تجده يخرج في تظاهرات بين الحين والآخر، مرة من أجل تطبيق لتغيير قانون الأحوال الشخصية، ومرة لرفض مناقشة قانون العنف الأسري، ومرات ضد النساء السافرات، وفي الفترة الأخيرة وجد في الفعاليات الغنائية متنفساً له ، فأخذ يهدد ويتوعد ويحذر كل من يقول "آه ياليل ياعين" بصوت عال دون أخذ موافقة الحزب ودفع الجزية له.
لعل السؤال الأهم لمن يتابع الوضع في العراق هو: هل ما جرى في تظاهرات منع الحفلات الغنائية، مقطوع الصلة بما جرى ويجري من خراب؟ .
يمكن لحزب الفضيلة أن ينظم تظاهرة ضد الحفلات الغنائية ويهدد بالحرق، ولكنه حتماً سيعجز عن إقناع المتظاهرين بفوائد البطالة، وبالمنافع التي تعود عليهم من خلال الفساد المالي المستشري، وبرائحة الخراب التي انتشرت في معظم مدن العراق. ولهذا سأعلن استعدادي لمشاركة حزب الفضيلة تظاهراته ضد المدعو سعد المجرد ، أو أي مطرب تسول له نفسه الاقتراب من بغداد، لكنني أشترط عليه أن يشترك معنا، نحن المساكين، في تظاهرة، ضد سرقة المال العام وقتل شباب الاحتجاجات.