توفي في الشهر الماضي السياسي والعسكري العراقي فؤاد عارف والذي عمل مرافقا عسكريا للملك .. في هذه الشهادة التي يقدمها الراحل فؤاد عارف عن الملك غازي تعد من اهم الشهادات التي كتبت عن تلك المرحلة ..
لكي نعود الى انطباعات اللواء عارف المباشرة عن الملك اثناء مرافقته له لابد ان نذكر بان فؤاد عارف تخرج في المدرسة العسكرية في نيسان 1934 وتعين ضابطا في الفوج السابع الذي يصفه بانه فوج نموذجي ونقل بعد ذلك الى فوج حدود ثم الى احد افواج المشاة وبعد انقلاب بكر صدقي بشهر نقل الى الحرس الملكي.* نصائح بكر صدقيطلبني بكر صدقي في مقره في زارة الدفاع بعد التحاقي بالحرس الملكي بايام فحاولت تقديم شكري الى رئيس اركان الجيش لتعييني مرافقا لجلالة الملك وكان ذلك بحضور المقدم محمد علي جواد قائد القوة الجوية فرد علي رئيس اركان الجيش بكر صدقي بانه لم يخترني مرافقا لسيدنا الملك وانما الملك هو الذي اختارني شخصيا والحق انني ارتحت كثيرا لهذا الاختيار وذلك لما اعرفه من خلقك وتابع الفريق بكر صدقي حديثه معي فقال انني لااريد اسداء النصح اليك ولكنني اذكرك بانك سوف تجد في البلاط الملكي الشرف والمال فاذا اختار الانسان المال فلا يجب ان ينسى الشرف بحال من الاحوال اما اذا لااختار الشرف فلابد له من ترك المال واذا فقد الانسان الشرف فلا يستطيع استعادته وانا اعتبر المال اهون شئ في هذه الدنيا انا شخصيا لا امتلك المال ومع ذلك فهناك لي الوف الدنانير لمجرد قبولي دعوة عشاء من احدهم وعلى اية حال انني اعرف مسبقا ماذا ستختار.وهناك شيء مهم يجب ان تضعه نصب عينيك وانت في منصبك الجديد.حدثتني كثيرا عن صديقك الشريف غازي اثناء زمالتكم في المدرسة العسكرية وحدثتني عن علاقتكم به وتواضعه معه في هزلكم وسمركم يجب ان تعلم انه الان ليس الشريف غازي الطالب في المدرسة العسكرية وانما هو الان جلالة الملك غازي ملك العراق . وانت الاخر لم تعد طالبا وانما انت ضابط في الجيش واحد رعايا الملك اقول حتى اذا حاول جلالة الملك التبسط معك في هزل او سواه فلابد ان تعرف نفسك وتقف عند حدك.والشيء الاخير الذي اريد ان تعرفه هو انه من الممكن ان يصدر اليك جلالة الملك بعض الاوامر التي قد تضر وبما انها اوامر ملكية فعليك ان تتصرف بحكمة وان تمتلك المرونة الكافية ازاءها.* الحرس الملكيكان الحرس الملكي في ذلك التاريخ يتالف من سريتين سرية خيالة مع مقر الحرس في البلاط بامرة نوري جميل وسرية في قصر الزهور بامرة عبيد عبد الله المضايفي اما امراة الفصائل فقد كانوا الملازمين عبد اله الطالباني ومحسن مكي الشبوط وانا.ومما اذكره عن تلك الفترة انني اختلفت مع وصل وكان هذا اخو الملك في الرضاعة اختلافا ادى الى حصول بعض المشاكل ومع ان الملك نفسه توسط في حلها الا انني خشيت ان يتكرر مثل هذ الاختلاف فاتصلت بالفريق بكر صدقي رئيس اركان الجيش ورجوته ان ينقلني الى السليمانية لان اهلي هناك ولانني كنت انوي الزواج وقد ارسل بكر صدقي في طلب الى المقدم صالح صائب الجبوري وامره باصدار امر نقلي الى السليمانية ولما كنت قد اعتبرت القضية في حدود المنتهية فقد سافرت الى السليمانية دون ان انتظر صدور امر النقل ولكن بعد يومين التصل بي احد افراد الانضباط العسكري وابلغني امرا وصل الى الوحدة العسكرية هناك يطلب وجوب اعادتي الى بغداد حالا وفي بغداد تعينت مرافقا خاصا للملك مع المرافق الاقدم العقيد رشيد علي وطاهر الزبيدي وعبد القادر الخطيب .* هل له علاقة بالانقلاب؟ وبصدد ما اذا كان للملك غازي علاقة بانقلاب بكر صدقي اقول حسب علمي ان للملك غازي علاقة قوية بانقلاب بكر صدقي وسبب ذلك ان الملك اراد التخلص من هيمنة ياسين الهاشمي وخرق الحصار الذي ضربته حوله حكومة الهاشمي بواسطة رئيس المرافقين العقيد الركن سيد احمد الذيكان يحصي على الملك انفاسه ويخير ياسين الهاشمي بذلك وطالما تدخل الهاشمي في منع الكثيرين من اصدقاء الملك من الجلوس اليه او السمر معه ولكن الملك يتشبث لاستعادة سلطته في البلاط ولقد نقل حالما انتصر الانقلاب بالعقيد سيد احمد الى كركوك وجاء بدله برشيد علي ومما اذكره بهذا الصدد ان بكر صدقي ومحمد علي جواد حضرا عصرا الى قصر الزهور لتوديع الملك قبل يوم من سفر بكر صدقي الى تركيا.وطلب الملك غازي من بكر ان يؤجل سفره لأنه يخشى ان يحدث انقلاب عسكري بعده طمانه بكر صدقي وقال للملك هناك من يستطيع ان يعمل لك الشئ الكثير مثل اسماعيل الاغا وشاكر الوادي.كان الملك غازي يطمح الى ان يصل الجيش العراقي الى فيلقين بدلا من فرقتين يحاول الاتصال بالمحور بواسطة بكر صدقي لتحقيق ذلك.فلما قتل بكر صدقي ومحمد علي جواد في الموصل بعد يوم واحد من لقائهما بالملك في قصر الزهور ارتبك الملك كثيرا وارسل في طلبي عصرذلك اليوم وذهبت الى قصرالزهور فوجدت الملك واقفا بكامل ملابسه وخلفه الملكة عالية قال لي اول ما وقعت عينه علي : -ان بكر قد قتلاجبته- الله يرحمهوهناك تدخلت الملكة وقالت :- فؤاد ....ديربالك على سيدنااجبتها لا تخشي شيئا يا سيدتي فهناك حراسة وهناك جيش انني الان است
شهادة الراحل فؤاد عارف عن زمن عاصف..هكذا عملت مع الملك غازي
نشر في: 4 يوليو, 2010: 04:32 م