علي حسين
أعتذر عن هذا العنوان فهو ليس من ابتكاري، وأعترف أمامك بأنني سرقته من النائبة عالية نصيف التي حولت بوصلتها "الفكرية" من "القندرة" التي لوحت بها ذات يوم في قاعة البرلمان ، إلى "الكاولية" حيث طالبت بإدخال بعض النواب إلى دورات تثقيفية لأنهم ينتمون إلى "الكاولية".
النائبة " الهمامة " قالت بالحرف الواحد: "ضرورة إجبار المرشحين الكاولية على الانخراط في دورات تثقيفية وتلقي محاضرات عن المدنية والاندماج بالمجتمع العراقي، إذ ليس عيباً الدخول في دورات الاندماج، على غرار العراقيين الموجودين في الخارج والذين يشاركون في دورات اندماج بالمجتمع السويدي أو الدنماركي أو غيره". تخيل عزيزي القارئ هذه النائبة التي تتنمر على الآخرين لا تزال تجلس على كرسي البرلمان منذ أكثر من اثني عشر عاماً.. تقلبت خلالها من القائمة العراقية إلى القائمة البيضاء إلى دولة القانون والآن هي من "الصقور"، وكل ميزاتها أنها صاحبة صوتٍ عالٍ. لا أريد أن أدخل في سجال حول المستوى المتدني الذي تنظر فيه عالية نصيف لمن يختلف معها، ولكني أسأل ألا توجد في مجلس النواب لجنة تراقب سلوكيات النواب وتحاسبهم على سوء أفعالهم؟. للأسف في هذه البلاد التي تحول فيها الحذاء عند البعض إلى وسيلة استعراض، سنكتشف أننا نعيش مشهداً طويلاً من التراجع والتخلف الحضاري.. نعيش في ظلّ نواب لا يملكون مقاييس بسيطة للكفاءة، لم نشهد معهم سوى تراجع في التعليم والصحة والخدمات والأمن، وزمن من الخراب ، وأن الكثير ممن دخلوا عالم السياسة في هذه البلاد وعن طريق الصدفة والحظ والشطارة تتسع حناجرهم وتضيق حسب الطلب. في هذا المكان عليّ أن أوجه الشكر والرحمة للراحل ميخائيل نعيمة الذي دائماً ما تسعفني كتاباته التي أشعر أنها كتبت لزماننا هذا، في كتابه "الغربال" يكتب عن أصحاب الحناجر العالية في وصف بارع: "كان أشد الأيام سواداً في حياة الضفادع، إذ فيه اكتشفوا أن هناك من يريد أن ينافسهم على هذا المستنقع، فهب في الحال زعيمهم الأكبر ووقف فيهم خطيباً وحنجرته تكاد تتمزق من الغيظ: واق! واق! واق! أما ترجمة هذه الخطبة البليغة فهي: أيها الضفادع إن مستنقعنا لفي خطر، ذلك المستنقع الذي تسلمناه وقطعنا على أنفسنا ميثاقاً أن نسلمه إلى الأبناء والأحفاد، قد قام اليوم من يريد أن يدنسه ويشوه ملامحه، فيا للشناعة ويا للكفر، وأرى أننا إذا غضضنا الطرف عن هذا الأمر، سنعيش في خطر كبير، فصفق الضفادع طويلاً لخطبة زعيمهم ودبت الحماسة فيهم وصاحوا بصوت واحد: "واق! واق! واق".
منذ اللحظة الأولى لاندلاع معركة عالية نصيف، كان النقيق النيابي ما أخشاه، لقد علمتنا تجربة مجلس النواب أن الفساد يعاد تدويره بأفضل من قبل.