لميس كاظمصدر كتاب " زوايا كلمة " للكاتبة اللبنانية غادة ملحم نعيم عن دار الكتاب العربي. يعالج الكتاب موضوع " التفكير الايجابي " الذي شغل حيزاً مهماً لدى علماء النفس والاجتماع وغيرهم. ولئلا تنافسهم تُعرّف نعيم نفسها: " انا لست بفيلسوفة ولا طبيبة نفسية ولا معلمة روحانية ".
أستقت نعيم أفكار الكتاب من رحم الحياة اليومية مستشهدة بأمثلة واقعية تحدث مع اغلب الناس. استحدثت نعيم مختبرا نفسيا تجري تجاربها على السلوكيات الأجتماعية السلبية. إذ تقترح ثلاثة مفاتيح أساسية: " المحاولة الحقيقية" و " التفكير الايجابي" و" الأيمان المطلق بقدراتك على تحقيقه". فهي ستفتح الأبواب نحو سلم الشخصية الداخلية. ولتعزيز الثقة بالنفس تتدرج نعيم بسبع سلالم تسميها " سلوكيات ". العتبة الأولى: " انظر الى المرآة وقل احبك ". تعزيز حب النفس لدى الإنسان من خلال مناداة الشخصية الداخلية لتنسجم مع الشخصية الخارجية. العتبة الثانية " اكتب ورقة بيضاء فيها أشياء ايجابية واقرأها ثم رددها عدة مرات يوميا ". كأنها تدعو الى استخدام الدعاء لتهدأة النفس. فالتكرار يساعد على استقراء المعلومة داخليا وبعدها تقبلها ومن ثم مارستها وأخيراً التبشير بها لإقناع الآخرين بها. العتبة المفروضة هي " احترام الأخر " وهو سلوك متعارف عليه عند اغلب الناس المتحضرين. في وسط السلم تدعو الى تقوية  العلاقة الأسرية. وترتفع الى عتبة جديدة لتطلب منك ان لا تكون وحيدا لأن الوحدة قاتلة. في العتبة قبل الأخيرة تدعو الى " العناية بالجسم ". وهو فرض مهم جدا لان الجسم السليم ينمي روح صحية قليلة العقد. تختم سلمها " احترام الروح وتغذيتها ". فكما ان الأكل الشرب غذاء ضروري للجسم هناك غذاء روحي غالباً ما ننساه في زحمة الحياة. بعد ان تعزز الثقة بالنفس تنقلك نعيم الى موعظة مهمة " مواجهة المصاعب بالهدوء والحكمة ". أي لابد ان يكون عقلنا بارداً وقلبنا حاراً في المحن. ثم تدعم ذلك بالأصرار والتحدي بعبارة " سأكون بأقوى حالاتي عندما أكون ضعيفا " ليس معيبا ان تمارس الروح ضعفها، كالبكاء مثلا، لكن يجب أن تستمد منه القوة. فيجب التماسك في مواجهة المصاعب. تحذر نعيم من ظاهرة " الأنا " تلك الأفة التي إذ أستوطنت في الشخصية ستسبب لها انفصاما حادا. تعلل احد ظواهرها هي " أفكارنا قد تكون غذاء كبريائنا ". فقد يرى الانسان دائما ان تصرفه صحيحا والآخرين هم مخطئون مما يصاب بداء العظمة ولا يرى سوى نفسه او ظله. ثم تنطلق من الفكر ذاته لتخلط وصفة مضادة تحتوي على جرعات من التحدي " التخلص من التجارب السلبية " إن استئصال الجذور المريضة عن السلوك مرهون بوعي الإنسان وهذه اعقد مشكلة نواجهها. تعود نعيم الى الداء ليكون هو الدواء " أساس السعادة هي افكارك " لهذا تجزم ان الأفكار هي عملة ذات وجهين ممكن ان تحقق لك الأفراح او الأتراح.  في أخر صفحات الكتاب تدعو الى " التسامح يفرغ من أنفسنا أمكنة صدئة ويجب ان نضع بدلها الخير والسعادة والحب والسلام ". العبارة تحمل دلالة عميقة فلو شخصنا الصدئ سنتجاوزه ونطلي الشخصية بخصال ايجابية. وهنا أنبه القارئ إلى أن من يدخل مختبر كتاب " زوايا كلمة"  لن يخرج خالي اليدين بل ستُحمله نعيم بحزم من التمارين النفسية ملتمسه منه مارستها يوميا ولفترات قليلة بمتعة كأي هواية أخرى. ختاما لا يسعني الا القول ان كتاب " زوايا كلمة" شيق بمعالجاته ولو اعتمدته الأساليب التربوية والتعليمية العربية لأصبح هذا الكتاب منهاجا لبناء الشخصية الايجابية في العالم العربي. أتمنى للمبدعة غادة نعيم المزيد من النتاجات بهذا المجال لتصبح الشخصية الايجابية ظاهرة عربية عامة.