TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: الوثائقي الذي نريد

كلاكيت: الوثائقي الذي نريد

نشر في: 15 يونيو, 2022: 10:52 م

 علاء المفرجي

أقف أمام نموذجين لفيلمين وثائقيين عالميين، لأدعم الفكرة التي أنا بصددها في هذا العمود، واختياري لهما، ليس لأنهما الأفضل، في تاريخ هذه الصناعة، ولا لتوفر كل العناصر السينمائية فيهما حسب، بل لطبيعة موضوع كل فيلم منهما، والذي غالباً ما اشتغلت عليه الأفلام الوثائقية في كل مكان..

والفكرة التي أنا بصددها، تتعلق بأفلامنا الوثائقية التي أنتجت على مدى السنوات التي تأسست فيها السينما العراقية، والتي تراوحت قيمتها الفكرية والفنية، بين مد قليل وجزر طال أمده.

الفيلمان هما الفيلم الاميركي (فهرنهايت 11 سبتمبر) الذي أخرجه مايكل مور، والفيلم الايطالي الذي أخرجه جوزيف تارنتوري.

ففيلم مايكل مور والذي يعد واحداً من أهم وأجمل الافلام الوثائقية في السنوات العشرين الأخيرة، والذي حقق سبقاً تاريخياً في الفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان. ومن كان يصدق أن هذا الفيلم الذي كانت كلفته 6 مليون دولار أمريكي وحقق إيراداً قدره الإجمالي 222 مليون دولار أمريكي.

الفيلم الآخر هو الوثائقي الايطالي (إينيو) لجوزيبّي تورناتوري، الذي هو الآخر حقق سبقاً قي عالم السينما، وتم عرضه بنجاح في أغلب صالات العرض في المدن الايطالية. الفيلم عن الموسيقي الإيطالي إينيو مورّيكوني الذي ألف مئات الأغاني وكتب موسيقى أكثر من 500 عمل سينمائي.

الفيلمان وثائقيان، ونافسا الأنواع الأخرى من الأفلام، بالتسويق والعرض والصنعة السينمائية، والايرادات، والأهم في طبيعة ما تناولاه من موضوعات ربما تكون هي ما تحتاجه أفلامنا الوثائقية كي تنهض من أسر التقارير الاخبارية التي نراها في شاشات الفضائية، والتي - وللأسف - تربى عليها الجيل الجديد من السينمائيين الشباب، فصاروا يقدمون أفلاماً لا تحمل من الفيلم التسجيلي أو الوثائقي إلا الاسم، بل أن البعض منهم استسهل الفيلم الوثائقي، وصار ما أن يصطدم بموضوع ما حتي ينفذه كفيلم وثائقي!.

فالوثائقيات الحالية لا تعدو أن تكون صنيعة اللحظة، أو انفعال السينمائي بحدث ما، ولم تحافظ على استمراريتها على عكس بعض الافلام الوثائقية التي قدمتها السينما العراقية وكانت بحق نموذجا مشرقاً لهذا النوع من الأفلام.

وهنا نبداً من سبعينيات القرن المنصرم، الذي شهدت فيه بغداد واحداً من أهم مهرجانات السينما، والتي تعنى بالسينما الوثائقية في المنطقة والبلدان العربية، وقدمت فيه أفلام وثائقية بعضها مهم.. ومن ضمن هذه الافلام (الأهوار) لمخرجه قاسم حول، والذي يعد من أهم الوثائقيات التي أنتجت في العراق.. وهذا الفيلم، هو إنموذج لما نطمح له من (الوثائقيات) التي نريد، تصوير صادق لسكان المسطحات المائية الكبيرة في جنوبي العراق والتي تحتل مساحة كبيرة من تلك المنطقة، ورصد لحياة سكانها الذين يسمون بالمعدان.. وهو بالمجمل التقاطة ذكية لهذا الموضوع، وهو ما تريده الأفلام الوثائقية..

الفيلم الآخر هو (حكاية للمدى) الذي أخرجه بسام الوردي، وكتب السيناريو له رياض قاسم، الفيلم رحلة في حياة القاص والنحات العراقي يحيى جواد، ونال عنه العديد من الجوائز في المهرجانات السينمائية وأعتبر الأهم في تاريخ السينما الوثائقية في العراق.

إذن لدينا من هذه الافلام بوابة مشرعة للولوج الى صناعة وثائقيات مهمة خاصة من قبل السينمائيين الشباب، الذين توهم البعض منهم أن تقارير الأخبار هي الفيلم الوثائقي!!. ونسوا أن يمتثلوا لنصيحة أبي الأفلام التسجيلية (جون جريرسون) باعتماد ثلاث خصائص يتصف بها الفيلم التسجيلي وهي: “ الاعتماد على الواقع في مادته وتنفيذه، وأن تكون شخصياته، ومَشاهده من الواقع الحي من دون الاعتماد على ممثلين محترفين، أو مناظر صناعية مفتعلة داخل الأستوديو، وأن تُنتقى مادته من الطبيعة مباشرة من دون تأليف لكي تكون أكثر دقة من المادة المُؤلَفة أو المُمَثلة “.

موضوعات.. وموضوعات مباحة على الطريقة التشيخوفية، شخصيات عراقية تعد رموزاً للفكر والأدب والتاريخ والسياسة، بحاجة أن يسلط عليها الضوء، مثلما هناك أماكن بكر لها من المميزات الفرادة والجمال يزخر بها الوطن، أحداث بحاجة لأفلام وثائقية استقصائية، تعج بها البلاد.. من فكر أن يعمل وثائقيا عن ظاهرة الفساد المستشري؟، من فكر بالشهادات العليا والشهادات المزيفة التي صارت بـ (المجان)؟، من فكر أن يعمل وثائقياً عن شخصيات مغمورة صارت تتحكم بسياسة البلد؟، لاتبحثوا عن موضوع للفيلم الوثائقي لأنه ببساطة بجانبكم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram