TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: الفـصــول

موسيقى الاحد: الفـصــول

نشر في: 18 يونيو, 2022: 11:52 م

ثائر صالح

كان تعاقب الفصول من أول معارف البشرية عن الطبيعة، وقبله كان تعاقب الليل والنهار والشمس والقمر.

فالأمر مغروز في الوعي البشري منذ مئات آلاف السنين، لذا كان جزءاً من مواضيع الفنون على الدوام. فدخلت الأديان والميثولوجيا، منها قصة الفصول الرافدية عن تموز وعشتار وعودة تموز من العالم السفلي فيبدأ الربيع، الفكرة نفسها في الميثولوجيا اليونانية عندما اختطف هاديس حاكم العالم السفلي برسفونه ابنة دمترا إلهة الطبيعة والفلاحة، واتفاق الآلهة على بقائها في العالم السفلي لفترة الشتاء وعودتها لفترة فيبدأ الصيف. وبالمناسبة فإن تسمية الربيع في اليونانية القديمة هي أيار، وهي مشتقة من الشهر الثاني من السنة البابلية آرو أو أيار، وهي نفس الصيغة المستعملة لاحقاً.

ومع إعادة إحياء الميثولوجيا اليونانية في أوروبا منذ عصر النهضة، عاد موضوع الفصول إلى الفنون بقوة، في الفن التشكيلي والأدب بالدرجة الأولى، ثم في الأوبرا منذ بداية القرن السادس عشر، كذلك في الموسيقى بشكل عام واستمر هذا المنحى حتى اليوم. أشهر الأعمال الموسيقية التي تتحدث عن الفصول هي عمل انتونيو فيفالدي الفصول الأربعة، ولعله أكثر الأعمال شعبية على الإطلاق. ويتألف من أربع كونشرتات للكمان المنفرد ألفها بين 1720 - 1723. لكن القائمة تطول إذا ما أخذنا في نظر الإعتبار أجزاء الأعمال الموسيقية التي تتطرق إلى الفصول والمواسم، فسنجد الحركة الأولى من سيمفونية تشايكوفسكي الأولى وعنوانها «أحلام يوم شتوي» أو عمل مندلسون الشهير «حلم ليلة صيف» أو ليلة منتصف الصيف، التي يحتفل بها سكان الدول الشمالية في هذه الأيام. تبرز هنا كذلك اغنية البرد من اوبرا الملك آرثر التي ألفها العبقري الانكليزي هنري برسل، ومن يسمعها تصيبه رعشة البرد لشدة تأثيرها.

بين الأعمال التي يتوجب ذكرها هنا عمل الكساندر غلازونوف باليه الفصول الذي قدم على مسرح الأرميتاج في سنتبطرسبورغ سنة 1900، وهو من تصميم ماريوس ببيتا أشهر مصمم رقصات في وقته. يستند العمل إلى الأساطير اليونانية - كالعادة في أوروبا، فنجد باخوس والساتير بين شخصيات الباليه إلى جانب الثلج والصقيع والحالوب والوردة.

أما النمساوي فرانس يوزف هايدن فقد ألّف اوراتوريو كامل اسمه الفصول، وهو من أعماله المتأخرة، ألفه سنة 1801، بعد نجاح اوراتوريو الخليقة (1798).

ونذكر هنا من دون تردد عمل الأرجنتيني آستور بيازولا «فصول بوينس آيرس»، فقد أحتل موقعاً هاماً على لائحة الأعمال الشعبية كثيرة التقديم منذ تأليفه بين 1965 - 1970. استعمل بيازولا بيانو وكمان وباندونيون (نوع من الأكورديون أو الهارمونيكا) وغيتار باص، وهي أدوات تستعملها الفرق الشائعة في المقاهي والملاهي، ومع ذلك يحمل العمل بصمات رفيعة وقيمة فنية فائقة تضعه في طليعة الأعمال الموسيقية المعاصرة. يحلو للبعض اعتباره محاكاة لفصول فيفالدي بسبب إعادة توزيعه في بعض الأحيان، لكن العمل الأصلي هو تجميع قطع منفصلة كتبت على مدى خمس سنين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"ذو الفقار" يستهدف وزارة الدفاع الإسرائيلية

مالية البرلمان تحدد أهداف تعديل قانون الموازنة

نائب عن قانون تعديل الموازنة: من المستبعد إقراره خلال جلسة الغد

مفاجأة مدوية.. نائب يكشف عن شبكات تتجسس على المرجع السيستاني

برلماني يصف الوضع السوري بـ"المعقد": العراق يسعى لحماية مصالحه

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram