علي حسينسألني العديد من الزملاء، ماهي المشكلة بين المدعي العام وصحيفة المدى؟ سؤال لم استطع الاجابة عنه، ولكنني استطيع ان اقول ان المشكلة تتعلق بنظرة كل منا الى العراق الجديد، فنحن نؤمن بأن الزمن تغير، والمفترض أن تدار الأزمات بقوانين اليوم وليس بعقلية الأمس وقوانينه،فنشر الاخبار التي لاتروق للمسؤول كان جريمة تقود صاحبها إلى السجن أو الاعتقال، لم يعد كذلك وحرية الاعلام تكتسب شرعيتها يوماً بعد يوم.
لم يعد العراق دولة بوليسية تستدعي اجراءات قضائية لتأديب الصحفيين وزجهم في السجون. ما يؤخذ على المدعي العام أنه يحاول الحفاظ علي هيبة القضاء ووقاره بأسلوب قديم.. لقد انتهي عصرالخوف منذ أن سقط تمثال الطاغية وخرج الناس من بيوتهم إلي الشوارع والاعتصامات والفضائيات. وما يؤخذ عليه أنه لم يستمع الى صوت الاعلام متصورا ان الإعلاميين يجب أن يبقوا أسرى قوانين أكل الدهر عليها وشرب. ماذا يحدث إذا هبط المدعي العام من عليائه والتقى بالصحفيين وجلس معهم؟ هذا الأسلوب المتحضر لا يسقط هيبة المدعي العام ولا القضاء ولكن الهيبة تهتز وتتأثر نتيجة المشهد المؤسف الذي يصر علية السيد المدعي العام باقامة الدعوى ضد الصحافة. علينا جميعاً أن ندرك أننا نعيش في عصر مختلف، استقر فيه شكل الدولة ونظامها السياسي على شاطئ الديمقراطية، الذي يسمح بالتعددية والاختلاف في الرأي، دون أن يكون المختلف عدواً للوطن. يحسب للدستور الجديد أنه جعل الحوار السلمي بين مختلف القوي والتيارات السياسية منهجاً للحكم فاتسعت مظلة الدولة لتشمل الجميع، طالما هم ملتزمون بقوانين الدولة وتشريعاتها. أمامنا طريقان لا ثالث لهما.. إما الحوار، أو القطيعة، إما الكلام أو الصمت، إما الاستيعاب أو الرفض.. والعراق في هذه المرحلة يحتاج الحوار والحوار. الحوار الذي يفتح شرايين الإصلاحات السياسية والقضائية لاحتواء كل ألوان الطيف العراقي المهم أن ننسف عقلية النظام السابق التي مازالت تكمن في كثير من المواقف والتصرفات.. العراق يتغير ولابد من أن يكون التغيير لصالح الناس، وليس ضدهم.
العمود الثامن: مشكلتنـا مع المدعي العام
نشر في: 4 يوليو, 2010: 06:26 م