بغداد/ تميم الحسن
قدم الإطار التنسيقي تنازلات الى خصومه السابقين -كان يعيب عليها التيار الصدري قبل اعتزاله- من اجل تشكيل الحكومة.
ويتعين على «التنسيقي» ان يسحب مسلحين تابعين لحلفائه داخل التكتل الشيعي من مناطق في محيط كردستان مسؤولة عن قصف الصواريخ.
كما قد يذهب الى الاجراء نفسه في المناطق «السنية»، ويبعد بعض الفصائل التي كانت حتى وقت قريب تهدد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
واستعجل الإطار التنسيقي استبدال النواب الصدريين في البرلمان، للتخلص من «قلق» عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مرة اخرى الى المشهد السياسي.
وحاصر «شبح الصدر» القوى الشيعية التي رفضت نتائج الانتخابات الاخيرة، لعدة اسابيع اثناء سيرهم لتشكيل الحكومة، رغم ان فرضيات تحرك الشارع ضدهم ما زالت مرتفعة.
وبحسب مصادر مطلعة، ان الإطار التنسيقي تراجع عن سقف مطالبه التي ظهرت في الاجتماع الذي جرى عشية جلسة البرلمان الاخيرة (الطارئة).
وكانت (المدى) قد كشفت جزءا مما جرى في اللقاء الذي عقد في مكتب الحلبوسي في بغداد مساء الاثنين الماضي، وانسحاب «الإطار» بسبب مطالب الحزب الديمقراطي و»السيادة».
لكن وبحسب المصادر، ان الـ 48 ساعة التي فصلت بين يوم الاجتماع وعقد الجلسة، شهدت «قبول الإطار بكل الشروط».
ووفق ذلك فان على «التنسيقي» ان يقوم بابعاد كل الفصائل المتهمة باستهداف اربيل، ومصفى النفط في كركوك، (قصف مجددا بعد 24 ساعة من الاتفاق).
ووفق المصادر، ان أبرز الفصائل الموجودة في محيط كردستان تابعة لعصائب اهل الحق، واللواء 30 (الشبك).
وكانت قبل ذلك قد اتهمت اربيل، لأول مرة بشكل علني، كتائب حزب الله بقصف اربيل الشهر الماضي، عن طريق مسيرة مفخخة.
ويبدو ان الاتفاق الذي جرى قبل الجلسة التي شهدت ترديد بدلاء النواب الصدريين، اليمين الدستورية، قد تسببت بإعلان حركة حقوق-المظلة السياسية لكتائب حزب الله-الاستقالة من البرلمان.
وقال الأمين العام لحركة حقوق حسين مؤنس، الخميس (عقب الجلسة بوقت قصير)، «إننا لن نكون بدلاء عن الأخوة في التيار الصدري، مع أننا داعمون لتشكيل الحكومة الجديدة».
ويوم الجمعة، بعد ساعات من نهاية الجلسة الطارئة، تعرض حقل «كورمور» الغازي في قضاء جمجمال التابع لمحافظة السليمانية للقصف بالصواريخ، مما قد يؤدي الى احراج «الإطار التنسيقي» الذي يسعى الى ارضاء الكرد.
والحقل القريب من حدود اقليم كردستان تستثمره شركتان إماراتيتان تختصان بالطاقة هما «دانة غاز» و»شركة الهلال».
وقبل ذلك بيومين، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب بمحافظة السليمانية، في بيان، أن صاروخ كاتيوشا استهدف الحقل ذاته من دون أن يتسبب بوقوع أضرار مادية أو إصابات.
وفي مطلع الشهر الماضي، استهدف هجوم صاروخي مماثل مصفاة كار بمدينة أربيل، ما أسفر عن اندلاع حريق بأحد خزاناته وتمت السيطرة عليه.
وأعلنت سلطات مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان أن ستة صواريخ سقطت قرب المصفاة، مضيفة أنها أطلقت من محافظة نينوى.
وقالت قوات الأمن أنها عثرت على منصة إطلاق معبأة بأربعة صواريخ في سهل نينوى عقب الهجوم، وأنها تمكنت من إبطال مفعولها.
وكانت ثلاثة صواريخ قد سقطت قرب نفس المصفاة، في 6 نيسان الماضي، دون أن تتسبب في سقوط ضحايا أو أضرار.
وفي 13 اذار الماضي، تعرض منزل في مدينة أربيل يعود لرجل أعمال كردي يعمل في مجال الطاقة لقصف تبناه الحرس الثوري الإيراني بـ «12 صاروخا بالستيا».
وكان شاخوان عبد الله عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، والنائب الثاني لرئيس البرلمان، قد كشف بان حزبه أكد خلال المفاوضات مع «التنسيقي» على «مسألة السلاح وحصره بيد الدولة، وانهاء وجود قوات خارجة عن ادارة القوات الرسمية»، مشيراً الى «وجود قوات غير رسمية في كركوك وطوز خورماتو والموصل ايضاً، وهي تسبب قلقاً لسكان تلك المناطق».
وقال عبد الله في تصريح لوسائل اعلام كردية، ان الفصائل التي استهدفت في مناطق مصفى (كلك) النفطي، منزل رجل الاعمال الكردي باز رؤوف برزنجي، وحقل كورمور الغازي، وقوة أخرى في منطقة الدبس، وقوة شبكية (لم يذكر موقعها): «لا تنتمي باي شكل للمراجع السياسية العراقية وهي تتلقّى الأوامر من جهات أخرى».
كذلك أكد نائب رئيس البرلمان، انه جرى الاتفاق مع «التنسيقي» على: «تشريع قانون جديد للنفط والغاز في البرلمان، حيث يجري تحضير مشروع القانون برضا ومشاركة الحكومتين في اربيل وبغداد، ليتم إرساله الى البرلمان لمناقشته».
واكد عبد الله ان البيان الذي صدر عقب جلسة الخميس الطارئة، «تم طرحه من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني كشرط مسبق لمشاركته في الحكومة المقبلة خاصة بالمبادئ الثلاثة: التوازن، التوافق، والشراكة»»، مشيرا الى ان «الإطار التنسيقي يرفض تلك المقترحات الخاصة بالجانب الامني والنفط والسياسة».
ونص البيان المشترك عقب الجلسة على ان: «تلتزم الكتل السياسية بالعمل الجاد والعاجل لتشكيل حكومة خدمة وطنية تحقق رغبات وحاجات مواطنينا وفق مبدأ التوازن والتوافق والشراكة والالتزام بالدستور».
وكانت التفاوضات الاخيرة قد جرت بشكل مشترك مع تحالف السيادة، الذي قدم «الإطار التنسيقي» تنازلات له ايضا سمحت بسيطرة محمد الحلبوسي بشكل تام على رئاسة البرلمان دون منازع، فيما كان «الاطاريون» ينتقدون بالسابق ما اعتبروه تفرد الاخير بالمجلس ابان تحالفه مع «الصدر»، وتنافس الاول مع نائبه السابق الصدري حاكم الزاملي.
ووافق «التنسيقي» على اضافة فقرة في جدول اعمال جلسة الخميس الذي ظل غامضا ومجهولا حتى قبل وقت قصير من بدء الجلسة التي شهدت مشاركة أكثر من 200 نائب.
وفي مقابل فقرة «بدلاء الصدريين» في جدول الاعمال، وضعت فقرة سبقتها كشرط قبل المضي باستبدال النواب، بتعديل النظام الداخلي للبرلمان لإلغاء «هيئة الرئاسة» وتحويلها الى «رئيس ونائبين».
وكانت الجلسة في البداية قد عقدت وفقا لطلب قدمه 50 نائباً، لم تنشر اسماؤهم حتى الان، بذريعة مناقشة القصف التركي والذي لم يطرح على جدول اعمال الجلسة.
وبحسب التسريبات، ان هناك مطالب من «السيادة» عن «ابعاد فصائل مسلحة من المدن السنية، جزء منها كان قد نظم أكثر من استعراض في الانبار ضمن الضغوط على رئيس البرلمان اثناء فترة تحالفه مع الصدريين».
«شبح الصدر»!
ووفق مصادر متطابقة فان «الإطار التنسيقي كان قد استعجل الجلسة والقبول بالشروط للتخلص من قلق عودة الصدريين، ويحاول بالمقابل ان يرضي زعيم التيار ببعض المناصب».
ويبدو ان هذا ما دفع «الصدر» الى اصدار بيان عبر صفحة ما يعرف بـ»وزير القائد» صالح محمد العراقي، حذر فيه ما أسماها بـ»الفكرة الخبيثة»، في مساعي تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
واشار العراقي في تغريدة على «تويتر» الى ان الفكرة هي: «زَجّ وزير صدري من التيار أو مُنشَقّ أو مطرود أو متعاطف في الحكومة التي يُريدونَ تشكيلها».
ويحاول «التنسيقي» في مهمة البحث عن رئيس وزراء سابق، ان يختار شخصية «لا تستفز الصدر»، وبدأ بطرح اسماء صدريين سابقين مثل علي شكري وقصي السهيل.
وهدد العراقي بان: «ردّنا سيكون غير متوقَّع إذا ما حاولتم تشويه سمعتنا بإشراكنا معكم من حيث نعلم أو لا نعلم أو إيهام الناس بذلك».
بالمقابل دعا زعيم عصائب اهل الحق، الى «اعادة الانتخابات»، في اشارات فهمت على انها استمرار الخلافات داخل الإطار التنسيقي وانزعاج بعض اطرافه من الاتفاق الاخير مع القوى السياسية عقب «غياب الصدر».
وقال الخزعلي في لقاء مصور، تعليقاً على استقالة نواب الكتلة الصدرية، إن «الخلل الآن أعمق وأكثر تعقيدا، ولا يمكن تشكيل حكومة في ظروف غير هادئة وتستطيع أن تنجح».
وأضاف، «أدعو إلى اتفاق سياسي لإعادة الانتخابات بعد تعديل قانون الانتخابات وإلغاء التصويت الإلكتروني وإجراء تغييرات مهمة في المفوضية».